. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
عِنْدَ أَحْمَدَ فِي حَدِيث طَوِيل فِيهِ «أُنَاسٌ يُحِبُّونَ اللَّبَنَ وَيَخْرُجُونَ مِنْ الْجَمَاعَاتِ وَيَدَعُونَ الْجُمُعَاتِ» وَفِي إسْنَاده ابْنُ لَهِيعَةَ.
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا بِنَحْوِ حَدِيثِ جَابِرٍ الْأَوَّل. وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ بِنَحْوِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُور فِي الْبَابِ
قَوْلُهُ: (يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ) قَالَ فِي الْفَتْح: قَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ الْيَوْمِ بِالْجُمُعَةِ مَعَ الِاتِّفَاق عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّة: الْعَرُوبَة، بِفَتْحِ الْعَيْن وَضَمّ الرَّاءِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ، فَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ كَمَالَ الْخَلْق جُمِعَ فِيهِ ذَكَرَهُ أَبُو حُذَيْفَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِسْنَاده ضَعِيف. وَقِيلَ: لِأَنَّ خَلْق آدَمَ جُمِعَ فِيهِ. وَرُدَّ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ. عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرهمَا، وَلَهُ شَاهِد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَره ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مَوْقُوفًا بِإِسْنَادٍ قَوِيّ، وَأَحْمَدُ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيف، وَهَذَا أَصَحّ الْأَقْوَال. وَيَلِيهِ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إلَيْهِ فِي قِصَّة تَجْمِيع الْأَنْصَارِ مَعَ أَسْعَدِ بْنِ زُرَارَةَ وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ يَوْم الْعَرُوبَة، فَصَلَّى بِهِمْ وَذَكَّرَهُمْ فَسَمَّوْهُ الْجُمُعَة حِين اجْتَمَعُوا إلَيْهِ. وَقِيلَ: لِأَنَّ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ كَانَ يَجْمَع قَوْمه فِيهِ وَيُذَكِّرهُمْ وَيَأْمُرهُمْ بِتَعْظِيمِ الْحَرَمِ، وَيُخْبِرهُمْ بِأَنَّهُ سَيُبْعَثُ مِنْهُ نَبِيّ. رَوَى ذَلِكَ الزُّبَيْرُ فِي كِتَابِ النَّسَب عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَقْطُوعًا، وَبِهِ جَزَمَ الْفَرَّاءُ وَغَيْره. وَقِيلَ: إنَّ قُصَيًّا هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْمَعهُمْ، ذَكَره ثَعْلَبٌ فِي أَمَالِيهِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاس لِلصَّلَاةِ فِيهِ، وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ.: إنَّهُ اسْم إسْلَامِيّ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَاهِلِيَّة وَأَنَّهُ كَانَ يُسَمَّى: يَوْم الْعَرُوبَة. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَر، فَقَدْ قَالَ أَهْل اللُّغَة: إنَّ الْعَرُوبَة اسْم قَدِيم كَانَ لِلْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالُوا فِي الْجُمُعَة: هُوَ يَوْم الْعَرُوبَة فَالظَّاهِر أَنَّهُمْ غَيَّرُوا أَسْمَاءَ الْأَيَّام السَّبْعَة بَعَدَ أَنْ كَانَتْ تُسَمَّى: أَوَّل أَهْوَن. جُبَار. دُبَار. مُؤْنِس. عَرُوبَة. شِبَار. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَتْ الْعَرَبُ تُسَمِّي يَوْم الِاثْنَيْنِ: أَهْوَن، فِي أَسْمَائِهِمْ الْقَدِيمَة، وَهَذَا يُشْعِر بِأَنَّهُمْ أَحْدَثُوا لَهَا اسْمًا وَهِيَ هَذِهِ الْمُتَعَارَفَةُ كَالسَّبْتِ وَالْأَحَد. . . إلَخْ. وَقِيلَ: إنَّ أَوَّل مَنْ سَمَّى الْجُمُعَة الْعَرُوبَة كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَبِهِ جَزَمَ بَعْض أَهْل اللُّغَة. وَالْجُمُعَة بِضَمِّ الْمِيم عَلَى الْمَشْهُور وَقَدْ تُسَكَّن، وَقَرَأَ بِهَا الْأَعْمَشُ، وَحَكَى الْفَرَّاءُ فَتْحهَا، وَحَكَى الزَّجَّاجُ كَسْرهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَوَجَّهُوا الْفَتْحَ بِأَنَّهَا تَجْمَع النَّاس وَيَكْثُرُونَ فِيهَا كَمَا يُقَال: هُمَزَة وَلُمَزَة، لِكَثِيرِ الْهَمْز وَاللَّمْز وَنَحْو ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لَقَدْ هَمَمْت. . . إلَخْ) قَدْ اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ قَدَّمْنَا ذِكْرهَا فِي أَبْوَابِ الْجَمَاعَة، وَسَيَأْتِي بَيَان مَا هُوَ الْحَقّ. قَوْلُهُ: (وَدْعِهِمْ) أَيْ تَرْكِهِمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ تَعَالَى) .
الْخَتْم: الطَّبْع وَالتَّغْطِيَة. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: اخْتَلَفَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِي هَذَا اخْتِلَافَا كَثِيرًا، فَقِيلَ: هُوَ إعْدَام اللُّطْف وَأَسْبَابُ الْخَيْر. وَقِيلَ: هُوَ خَلْق الْكُفْر فِي صُدُورهمْ، وَهُوَ قَوْل أَكْثَر مُتَكَلِّمِي أَهْل السُّنَّة، يَعْنِي الْأَشْعَرِيَّةَ. وَقَالَ غَيْرهمْ: هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute