للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٨٦ - (وَعَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فِي سَرِيَّةٍ فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، قَالَ: فَتَقَدَّمَ أَصْحَابُهُ وَقَالَ: أَتَخَلَّفُ فَأُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجُمُعَةَ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ رَآهُ، فَقَالَ: مَا مَنَعَك أَنْ تَغْدُوَ مَعَ أَصْحَابِك؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ مَعَكَ الْجُمُعَةَ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَدْرَكْتَ غَدْوَتَهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَع الْحَكَمُ مِنْ مِقْسَمٍ إلَّا خَمْسَة أَحَادِيثَ وَعَدَّهَا، وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا عَدَّهُ) .

١١٨٧ - (وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَبْصَرَ رَجُلًا عَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ فَسَمِعَهُ يَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ جُمُعَةٍ لَخَرَجْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: اُخْرُجْ فَإِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَده) .

ــ

[نيل الأوطار]

أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّهُ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه، ثُمَّ قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: قَالَ شُعْبَةُ: وَذَكَرَ الْكَلَام الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّف، وَفِي إسْنَاده الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: انْفَرَدَ بِهِ الْحَجَّاجُ وَهُوَ ضَعِيف. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيِّ: ضَعَّفَهُ الْجُمْهُور وَمَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَى تَصْحِيحِ الْحَدِيث وَقَالَ: مَا قَالَهُ شُعْبَةُ لَا يُؤَثِّر فِي الْحَدِيثِ وَقَالَ: هُوَ صَحِيحُ السَّنَد صَحِيحُ الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْغَزْو أَفْضَل مِنْ الْجَمَاعَة فِي الْجُمُعَة وَغَيَّرَهَا، وَطَاعَة النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْغَزْو أَفْضَل مِنْ طَاعَته فِي صَلَاة الْجَمَاعَة. وَتَعَقَّبَهُ الْعِرَاقِيُّ فَقَالَ: هَذَا الْكَلَام لَيْسَ جَارِيَا عَلَى قَوَاعِد أَهْل الْحَدِيثِ. وَلَا يَلْزَم مِنْ كَوْن الْمَعْنَى صَحِيحَا أَنْ يَكُون السَّنَد صَحِيحَا، فَإِنَّ شَرْطَ صِحَّة الْإِسْنَاد اتِّصَالُهُ، فَالْمُنْقَطِع لَيْسَ مِنْ أَقْسَام الصَّحِيحِ عِنْدَ عَامَّة الْعُلَمَاءِ، وَهُمْ الَّذِينَ لَا يَحْتَجُّونَ بِالْمُرْسَلِ فَكُلّ مَنْ لَا يَحْتَجّ بِالْمُرْسَلِ لَا يَحْتَجّ بِعَنْعَنَةِ الْمُدَلِّسِ، بَلْ حَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْح الْمُهَذَّبِ وَغَيْره اتِّفَاق الْعُلَمَاءِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَجّ بِعَنْعَنَةِ الْمُدَلِّس مَعَ احْتِمَال الِاتِّصَال، فَكَيْف مَعَ تَصْرِيحِ شُعْبَةَ وَهُوَ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيث بِأَنَّ الْحَكَمَ لَمْ يَسْمَعهُ مِنْ مِقْسَمٍ، فَلَوْ ثَبَتَ الْحَدِيث لَكَانَ حُجَّة وَاضِحَة، وَإِذَا لَمْ يَثْبُت فَالْحُجَّة قَائِمَة بِغَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ تَعَارُض الْوَاجِبَات وَأَنَّهُ يُقَدَّم أَهَمّهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَزْو أَهَمّ مِنْ صَلَاة الْجُمُعَة، إذْ الْجُمُعَةُ لَهَا خَلَفٌ عِنْدَ فَوْتهَا، بِخِلَافِ الْغَزْو خُصُوصًا إذَا تَعَيَّنَ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمه، وَأَيْضًا فَالْجُمُعَة لَمْ تَجِبْ قَبْلَ الزَّوَال، وَإِنْ وَجَبَ السَّعْي إلَيْهَا قَبْله فِي حَقّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَلَا يُمْكِنهُ إدْرَاكهَا إلَّا بِالسَّعْيِ إلَيْهَا قَبْله، وَمَنْ هَذِهِ حَالُهُ يُمْكِن

<<  <  ج: ص:  >  >>