للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٨٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلَا هَلْ عَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَّخِذَ الصُّبَّةَ مِنْ الْغَنَمِ عَلَى رَأْسِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ فَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْكَلَأُ فَيَرْتَفِعُ، ثُمَّ تَجِيءُ الْجُمُعَةُ فَلَا يَجِيءُ وَلَا يَشْهَدُهَا، وَتَجِيءُ الْجُمُعَةُ فَلَا يَشْهَدُهَا، وَتَجِيءُ الْجُمُعَةُ فَلَا يَشْهَدُهَا، حَتَّى يَطْبَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَلْبِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الَّذِي فِي أَوَّل هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ غَيْر مَعْذُور مَعَ سَمَاعه لِلنِّدَاءِ وَإِنْ لَمْ يَجِد قَائِدًا لِعَدَمِ الْفَرْق بَيْن الْجُمُعَة وَغَيْرهَا مِنْ الصَّلَوَات. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى الْحَدِيثَيْنِ فِي أَوَّل أَبْوَابِ الْجَمَاعَة.

وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسَافِرِ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إذَا كَانَ نَازِلًا أَمْ لَا؟ فَقَالَ الْفُقَهَاءُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرُ وَالْبَاقِرُ وَالْإِمَامُ يَحْيَى: إنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ نَازِلَا وَقْت إقَامَتهَا. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْمُسَافِر، وَكَذَا اسْتِثْنَاءُ الْمُسَافِر فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ. وَقَالَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَأَبُو الْعَبَّاسِ وَالزُّهْرِيُّ وَالنَّخَعِيِّ: إنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِر إذَا كَانَ نَازِلَا وَقْت إقَامَتهَا، لَا إذَا كَانَ سَائِرَا.

وَمَحَلّ الْخِلَاف هَلْ يُطْلَق اسْم الْمُسَافِر عَلَى مَنْ كَانَ نَازِلَا أَوْ يَخْتَصّ بِالسَّائِرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ صَلَاة السَّفَر.

الْحَدِيث هُوَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ كَمَا ذَكَر الْمُصَنِّف مِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَفِي إسْنَاده مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ وَفِيهِ مَقَال. وَرَوَى نَحْوه الطَّبَرَانِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ. وَرَوَى أَيْضًا نَحْوه الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيث ابْنِ عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَتَّخِذَ الصُّبَّةَ) بِصَادٍ مُهْمَلَة مَضْمُومَة وَبَعْدهَا بَاءٌ مُوَحَّدَة مُشَدَّدَة. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هُنَّ مِنْ الْعِشْرِينَ إلَى الْأَرْبَعِينَ ضَأْنًا، وَقِيلَ: مَعْزًا خَاصَّة، وَقِيلَ: مَا بَيْن السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ، وَلَفْظ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ " أَنْ يَتَّخِذ الضِّبْنَة " قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بِكَسْرِ الضَّاد الْمُعْجَمَة ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَة سَاكِنَةٌ ثُمَّ نُون: هِيَ مَا تَحْت يَدك مِنْ مَال أَوْ عِيَال اهـ.

وَفِي الْقَامُوسِ فِي فَصْل الصَّاد الْمُهْمَلَة مِنْ بَابِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَة مَا لَفْظه: وَالصُّبَّة بِالضَّمِّ: مَا صُبَّ مِنْ طَعَام وَغَيْره، ثُمَّ قَالَ: وَالسُّرْبَة مِنْ الْخَيْل وَالْإِبِل وَالْغَنَم، أَوْ مَا بَيْن الْعَشَرَة إلَى الْأَرْبَعِينَ أَوْ مِنْ الْإِبِل مَا دُون الْمِائَة. وَقَالَ فِي فَصْل الضَّاد الْمُعْجَمَة مِنْ حَرْف النُّون: الضِّبْنَة مُثَلَّثَة وَكَفَرْحَةٍ الْعِيَال وَمَنْ لَا غَنَاء فِيهِ وَلَا كِفَايَة مِنْ الرُّفَقَاءِ. وَالْحَدِيثُ فِيهِ عَلَى حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالتَّوَعُّدُ عَلَى التَّشَاغُلِ عَنْهَا بِالْمَالِ.

وَفِيهِ أَنَّهَا لَا تَسْقُط عَمَّنْ كَانَ خَارِجَا عَنْ بَلَد إقَامَتهَا وَإِنَّ طَلَبَ الْكَلَأ وَنَحْوه لَا يَكُون عُذْرَا فِي تَرْكهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>