للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوْ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَسْمَع مِنْهُ شَيْئًا) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْحَدِيثُ الْأَوَّل رِجَال إسْنَاده رِجَال الصَّحِيحِ إلَّا عَيَّاشَ بْنَ عَيَّاشٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيّ. وَالْحَدِيثُ الْآخَر أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ طَارِقٍ هَذَا عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ الْحَافِظُ: وَصَحَّحَهُ غَيْر وَاحِد. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: لَيْسَ إسْنَادُ هَذَا الْحَدِيث بِذَاكَ، وَطَارِقُ بْنُ شِهَابٍ لَا يَصِحّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلَّا أَنَّهُ قَدْ لَقِيَ النَّبِيَّ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: فَإِذَا قَدْ ثَبَتَتْ صِحَّته، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَغَايَته أَنْ يَكُون مُرْسَل صَحَابِيٍّ وَهُوَ حُجَّة عِنْدَ الْجُمْهُور، إنَّمَا خَالَفَ فِيهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ، بَلْ ادَّعَى بَعْض الْحَنَفِيَّةِ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّ مُرْسَلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ اهـ عَلَى أَنَّهُ قَدْ انْدَفَعَ الْإِعْلَال بِالْإِرْسَالِ بِمَا فِي رِوَايَة الْحَاكِمِ مِنْ ذِكْر أَبِي مُوسَى. وَقَدْ شَدَّ مِنْ عَضُد هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثُ حَفْصَةَ الْمَذْكُور فِي الْبَابِ. وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، إلَّا امْرَأَةً أَوْ مُسَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مَرِيضًا» وَفِي إسْنَاده ابْنُ لَهِيعَةَ وَمُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَهُمَا ضَعِيفَانِ وَفِي الْبَابِ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عِنْدَ الْعُقَيْلِيِّ وَالْحَاكِمِ أَبِي أَحْمَدَ وَفِيهِ أَرْبَعَة ضُعَفَاءُ عَلَى الْوَلَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ. وَعَنْ مَوْلًى لِآلِ الزُّبَيْرِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ، وَقَالَ: فِيهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِلَفْظِ «نُهِينَا عَنْ اتِّبَاع الْجَنَائِز وَلَا جُمُعَة عَلَيْنَا» أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثَيْ الْبَابِ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ مِنْ فَرَائِضِ الْأَعْيَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (عَبْد مَمْلُوك) فِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الْعَبْدِ. وَقَالَ دَاوُد: إنَّهَا وَاجِبَة عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ تَحْتِ عُمُوم الْخِطَابِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ امْرَأَة) فِيهِ عَدَمُ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ عَلَى النِّسَاءِ، أَمَّا غَيْر الْعَجَائِز فَلَا خِلَاف فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا الْعَجَائِز فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسْتَحَبّ لَهُنَّ حُضُورهَا. قَوْلُهُ: (أَوْ صَبِيّ) فِيهِ أَنَّ الْجُمُعَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى الصِّبْيَانِ وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَرِيض) فِيهِ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إذَا كَانَ الْحُضُورُ يَجْلِبُ عَلَيْهِ مَشَقَّةً. وَقَدْ أَلْحَقَ بِهِ الْإِمَامُ يَحْيَى وَأَبُو حَنِيفَةَ: الْأَعْمَى وَإِنْ وَجَدَ قَائِدَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّة.

وَقَالَ الشَّافِعِيّ: إنَّهُ غَيْر مَعْذُور عَنْ الْحُضُور إنْ وَجَدَ قَائِدَا. وَظَاهِر حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>