للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إلَّا آتَاهُ إيَّاهُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ: حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ إلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْحَدِيثُ الْأَوَّل مَعَ كَوْنه فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَدْ أُعِلَّ بِالِانْقِطَاعِ وَالِاضْطِرَابِ. أَمَّا الِانْقِطَاع فَلِأَنَّ مَخْرَمَةَ بْنَ بُكَيْر رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ وَهُوَ لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِيهِ، قَالَهُ أَحْمَدُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مَخْرَمَةَ نَفْسه.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمِ: سَمِعْت خَالِي مُوسَى بْنَ سَلَمَةَ قَالَ: أَتَيْت مَخْرَمَةَ بْنَ بُكَيْر فَسَأَلْته أَنْ يُحَدِّثنِي عَنْ أَبِيهِ فَقَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ أَبِي شَيْئًا إنَّمَا هَذِهِ كُتُبٌ وَجَدْنَاهَا عِنْدنَا عَنْهُ مَا أَدْرَكْت أَبِي إلَّا وَأَنَا غُلَام.

وَفِي لَفْظ: لَمْ أَسْمَع مِنْ أَبِي وَهَذِهِ كُتُبه وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمِعْت مَعْنًا يَقُول: مَخْرَمَةُ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَلَمْ أَجِد أَحَدَا بِالْمَدِينَةِ يُخْبِر عَنْ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي شَيْءٍ: سَمِعْت أَبِي، قَالَ عَلِيٌّ: وَمَخْرَمَةُ ثِقَة. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، يُخْبِر عَنْ مَخْرَمَةَ: مَخْرَمَةُ ضَعِيف الْحَدِيثِ لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْءٍ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا يُقَال: مُسْلِمٌ يَكْتَفِي فِي الْمُعَنْعَنِ بِإِمْكَانِ اللِّقَاءِ مَعَ الْمُعَاصَرَة، وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّا نَقُول: وُجُودُ التَّصْرِيحِ مِنْ مَخْرَمَةَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَع مِنْ أَبِيهِ كَافٍ فِي دَعْوَى الِانْقِطَاع اهـ. وَأَمَّا الِاضْطِرَابُ فَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: إنَّ أَكْثَر الرُّوَاة جَعَلُوهُ مِنْ قَوْل أَبِي بُرْدَةَ مَقْطُوعًا، وَأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعهُ غَيْر مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَلَى مُسْلِمٍ فَقَالَ: لَمْ يُسْنِدهُ غَيْر مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ قَوْلِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ بَلَغَ بِهِ أَبَا مُوسَى وَلَمْ يَرْفَعهُ. قَالَ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ قَوْل أَبِي بُرْدَةَ، وَتَابَعَهُ وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ وَمُجَالِدٌ، رَوَيَاهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ قَوْلِهِ. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ مَوْقُوف، وَلَا يَثْبُت قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ.

انْتَهَى كَلَام الدَّارَقُطْنِيّ وَأَجَابَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَهَذَا الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَة الْمَعْرُوفَة، وَلِأَكْثَر الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ فِي رِوَايَة الْحَدِيثِ وَقْف وَرَفْع أَوْ إرْسَال وَاتِّصَال حَكَمُوا بِالْوَقْفِ وَالْإِرْسَال وَهِيَ قَاعِدَة ضَعِيفَة مَمْنُوعَة. قَالَ: وَالصَّحِيحُ طَرِيقَةُ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَمُحَقِّقِي الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ يُحْكَم بِالرَّفْعِ وَالِاتِّصَال لِأَنَّهَا زِيَادَة ثِقَة انْتَهَى وَالْحَدِيث الثَّانِي الْمَذْكُور فِي الْبَابِ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِي إسْنَاده كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ.

وَقَدْ اتَّفَقَ أَئِمَّة الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيل عَلَى ضَعْفه، وَالتِّرْمِذِيُّ قَدْ شَرَطَ فِي حَدّ الْحَسَن أَنْ لَا يَكُون فِي إسْنَاده مَنْ يُتَّهَم

<<  <  ج: ص:  >  >>