. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
سَعِيدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: فَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَلْغُو فَهُوَ حَظُّهُ مِنْهَا، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا يَدْعُو فَهُوَ رَجُلٌ دَعَا اللَّهَ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ، وَرَجُلٌ حَضَرَهَا بِإِنْصَاتٍ وَسُكُوتٍ وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا فَهِيَ كَفَّارَةٌ إلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ قَالَ: «كَفَى لَغْوًا إذَا صَعِدَ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ أَنْ تَقُولَ لِصَاحِبِك: أَنْصِتْ» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ. قَالَ: وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَل الرَّأْيِ فَحُكْمُهُ الرَّفْعُ. قَوْلُهُ: (أَنْصِتْ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ أَنْصَتَ وَنَصَتَ وَانْتَصَتَ. قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: وَالْمُرَادُ بِالْإِنْصَاتِ: السُّكُوتُ عَنْ مُكَالَمَةِ النَّاسِ دُونَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ حَالَ الْخُطْبَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ السُّكُوتُ مُطْلَقًا، قَالَهُ فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ، فَلَا يَجُوزُ مِنْ الْكَلَامِ إلَّا مَا خَصَّهُ دَلِيلٌ كَصَلَاةِ التَّحِيَّةِ، نَعَمْ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذِكْرِهِ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَوْقَاتِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْكَلَامِ حَالَ الْخُطْبَةِ يَعُمُّ كُلَّ كَلَامٍ، فَيَتَعَارَضُ الْعُمُومَانِ وَلَكِنَّهُ يُرَجَّحُ مَشْرُوعِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذِكْرِهِ حَالَ الْخُطْبَةِ مَا سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ اللَّغْوِ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالْكَلَامِ الْبَاطِلِ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ، لَوْلَا مَا سَيَأْتِي مِنْ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِالتَّعْمِيمِ قَوْلُهُ: (وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِ النَّهْيِ بِحَالِ الْخُطْبَةِ، وَرَدٌّ عَلَى مَنْ أَوْجَبَ الْإِنْصَاتَ مِنْ خُرُوجِ الْإِمَامِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْجُمُعَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِنْصَاتَ فِي خُطْبَةِ غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَا يَجِبُ. قَوْلُهُ: (فَقَدْ لَغَوْتَ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَالَ الْأَخْفَشُ.
اللَّغْوُ: الْكَلَامُ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ الْبَاطِلِ وَشِبْهِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: اللَّغْوُ: السَّقَطُ مِنْ الْقَوْلِ، وَقِيلَ: الْمَيْلُ عَنْ الصَّوَابِ. وَقِيلَ: اللَّغْوُ: الْإِثْمُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: ٧٢] . وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: اتَّفَقَتْ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ اللَّغْوَ مَا لَا يَحْسُنُ مِنْ الْكَلَامِ. وَأَغْرَبَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبِ فَقَالَ: مَعْنَى لَغَا: تَكَلَّمَ، وَالصَّوَابُ: التَّقْيِيدُ. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: مَعْنَى لَغَوْتَ: خِبْت مِنْ الْأَجْرِ. وَقِيلَ: بَطَلَتْ فَضِيلَةُ جُمُعَتِكِ. وَقِيلَ: صَارَتْ جُمُعَتُكَ ظُهْرًا. قُلْتُ: أَقْوَالُ أَهْلِ اللُّغَةِ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى انْتَهَى كَلَامُ الْفَتْحِ.
وَفِي الْقَامُوسِ: اللَّغْوُ: السَّقَطُ وَمَا لَا يُعْتَدّ بِهِ مِنْ كَلَامٍ أَوْ غَيْره انْتَهَى.
وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّغْوَ صَيْرُورَةُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا، مَا عِنْد أَبِي دَاوُد وَابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «مَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا» قَوْلُهُ: (فَلَا جُمُعَة لَهُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ: لَا جُمُعَة لَهُ كَامِلَة لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إسْقَاط فَرْض الْوَقْت عَنْهُ قَوْلُهُ: فَهُوَ {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥] شَبَّهَ مَنْ لَمْ يُمْسِكْ عَنْ الْكَلَامِ بِالْحِمَارِ الْحَامِلِ لِلْأَسْفَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute