للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَأْتِيَ الْعِيدَ مَاشِيًا، ثُمَّ تَرْكَبَ إذَا رَجَعْت» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهَذَا أَمْثَلُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَسَعْدِ الْقَرَظِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، يَعْنِي الشَّافِعِيَّةُ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَأْكُلَ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْأَكْلِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ، وَهَذَا مُخْتَصٌّ بَعِيدِ الْفِطْرِ. وَأَمَّا عِيدُ النَّحْرِ فَيُؤَخَّرُ الْأَكْلُ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا قَوْلُهُ: (الْعَوَاتِقُ) جَمْعُ عَاتِقٍ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ أَوَّلَ مَا تُدْرِكُ. وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ تَبِنْ مِنْ وَالِدَيْهَا وَلَمْ تُزَوَّجْ بَعْدَ إدْرَاكِهَا. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ الَّتِي قَارَبَتْ الْبُلُوغَ قَوْلُهُ: (وَذَوَاتُ الْخُدُورِ) جَمْعُ خِدْرٍ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ: وَهُوَ نَاحِيَةٌ فِي الْبَيْتِ يُجْعَلُ عَلَيْهَا سُتْرَةً فَتَكُونُ فِيهِ الْجَارِيَةُ الْبِكْرُ، وَهِيَ الْمُخَدَّرَةُ: أَيْ خُدِّرَتْ فِي الْخِدْرِ قَوْلُهُ: (لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ) .

الْجِلْبَابُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِتَكْرَارِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ، قِيلَ: هُوَ الْإِزَارُ وَالرِّدَاءُ. وَقِيلَ: الْمِلْحَفَةُ. وَقِيلَ الْمِقْنَعَةُ تُغَطِّي بِهَا الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا وَظَهْرَهَا. وَقِيلَ: هُوَ الْخِمَارُ وَالْحَدِيثُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ قَاضِيَةٌ بِمَشْرُوعِيَّةِ خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ إلَى الْمُصَلَّى مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَالشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ وَالْحَائِضِ وَغَيْرِهَا مَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً أَوْ كَانَ خُرُوجُهَا فِتْنَةً أَوْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ، وَحَمَلُوا الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى النَّدْبِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ وَالْجُرْجَانِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّافِعِيِّ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ تَبَعًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ جَائِزٌ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ لَهُنَّ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ قُدَامَةَ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَقَدْ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي يُوسُفَ، وَحَكَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ النَّخَعِيّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ النَّخَعِيّ: أَنَّهُ كَرِهَ لِلشَّابَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إلَى الْعِيدِ.

الْقَوْلُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى النِّسَاءِ الْخُرُوجُ إلَى الْعِيدِ، حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا: " حَقٌّ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ الْخُرُوجُ إلَى الْعِيدَيْنِ ". اهـ.

وَالْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِطْلَاقِ رَدٌّ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِالْآرَاءِ الْفَاسِدَةِ، وَتَخْصِيصُ الشَّوَابِّ يَأْبَاهُ صَرِيحُ الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (يُكَبِّرْنَ مَعَ النَّاسِ) وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: " يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ " يَرُدُّ مَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ: أَنَّ خُرُوجَ النِّسَاءِ إلَى الْعِيدِ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِتَكْثِيرِ السَّوَادِ ثُمَّ نُسِخَ. وَأَيْضًا قَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ خُرُوجَهُنَّ بَعْد فَتْحِ مَكَّةَ، وَقَدْ أَفْتَتْ بِهِ أُمُّ عَطِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُدَّةٍ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ: (إذَا غَدَا إلَى الْمُصَلَّى كَبَّرَ) فِيهِ إنْ صَحَّ رَفْعُهُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>