. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
إلَيْهِ مَوْقُوفًا، وَمَعْنَاهُ: لَا صَلَاةَ جُمُعَةَ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَذْهَبُ بِالتَّشْرِيقِ فِي هَذَا إلَى التَّكْبِير فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ يَقُولُ: لَا تَكْبِيرَ إلَّا عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ. قَالَ: وَهَذَا لَمْ تَجِدْ أَحَدًا يَعْرِفُهُ، وَلَا وَافَقَهُ عَلَيْهِ صَاحِبَاهُ وَلَا غَيْرُهُمَا. وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ التَّشْرِيقِ فَلْيُعِدْ» أَيْ قَبْلَ صَلَاةَ الْعِيدِ. رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ. . . إلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَرَهُ مَوْصُولًا، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ مُعَلَّقًا عَنْهُمَا وَكَذَا الْبَغَوِيّ قَوْلُهُ: (وَكَانَ عُمَرُ. . . إلَخْ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَقَوْلُهُ: (تَرْتَجُّ) بِتَثْقِيلِ الْجِيمِ: أَيْ تَضْطَرِبُ وَتَتَحَرَّكُ، وَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي اجْتِمَاعِ رَفَعَ الْأَصْوَاتِ.
وَقَدْ وَرَدَ فِعْلُ تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبَّرَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى الْعَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ» .
وَفِي إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ بِشْرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مُخْتَلِفَةٍ أَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيّ مَدَارُهَا عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورِ. وَاخْتُلِفَ فِيهَا فِي شَيْخِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ. رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ عَنْ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ قَالَ: وَهُوَ صَحِيحٌ وَصَحَّ مِنْ فِعْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى صُبْحِ يَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَأَخْرَجَ أَيْضًا هُوَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُمَا كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ. وَجَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ خِلَافُ ذَلِكَ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ.
وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمَا كَانَا يُكَبِّرَانِ، ثَلَاثًا ثَلَاثًا، بِسَنَدَيْنِ ضَعِيفِينَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ: صَحَّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكَبِّرُونَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ.
وَقَدْ حَكَى فِي الْبَحْرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ إلَّا عَنْ النَّخَعِيّ، قَالَ: وَلَا وَجْهَ لَهُ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَحِلِّهِ فَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَالْعِتْرَةِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَأَحَدِ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَحِلَّهُ عَقِيبَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ: بَلْ مِنْ ظُهْرِ النَّحْرِ إلَى فَجْرِ الْخَامِسِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ: بَلْ مِنْ مَغْرِبِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى فَجْرِ الْخَامِسِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ إلَى عَصْرِ النَّحْرِ.
وَقَالَ دَاوُد وَالزُّهْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مِنْ ظُهْرِ النَّحْرِ إلَى عَصْرِ الْخَامِسِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَوَاضِعَ، فَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ التَّكْبِيرَ عَلَى أَعْقَابِ الصَّلَوَاتِ. وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ ذَلِكَ بِالْمَكْتُوبَاتِ دُونَ النَّوَافِلِ.
وَمِنْهُمْ مِنْ خَصَّهُ بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَبِالْجَمَاعَةِ