١٣٥٠ - (وَعَنْ الشَّعْبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ يَسْتَسْقِي، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ، فَقَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْغَيْثَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّذِي يُسْتَنْزَلُ بِهِ الْمَطَرُ، ثُمَّ قَرَأَ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: ١٠] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١١] {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: ٩٠] الْآيَةَ رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ)
ــ
[نيل الأوطار]
الْغَيْثَ؛ فَأَرْخَتْ السَّمَاءُ مِثْلَ الْجِبَالِ حَتَّى أَخْصَبَتْ الْأَرْضُ وَعَاشَ النَّاسُ ") .
وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ عَطَاءٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " اسْتَسْقَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَامَ الرَّمَادَةِ بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: " فَخَطَبَ النَّاسَ عُمَرُ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرَى لِلْعَبَّاسِ مَا يَرَى الْوَلَدُ لِلْوَالِدِ، فَاقْتَدُوا أَيُّهَا النَّاسُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَمِّهِ الْعَبَّاسِ، وَاتَّخِذُوهُ وَسِيلَةً إلَى اللَّهِ " وَفِيهِ: " فَمَا بَرِحُوا حَتَّى أَسْقَاهُمْ اللَّهُ ".
وَأَخْرَجَ الْبَلَاذِرِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فَقَالَ عَنْ أَبِيهِ بَدَلَ ابْنِ عُمَرَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ فِيهِ شَيْخَانِ.
وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَامَ الرَّمَادَةِ كَانَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ مَصْدَرَ الْحَاجِّ مِنْهَا وَدَامَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَالرَّمَادَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، سُمِّيَ الْعَامُ بِهَا لِمَا حَصَلَ مِنْ شِدَّةِ الْجَدْبِ فَاغْبَرَّتْ الْأَرْضُ جِدًّا مِنْ عَدَمِ الْمَطَرِ، قَالَ: وَيُسْتَفَادُ مِنْ قِصَّةِ الْعَبَّاسِ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِشْفَاعِ بِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَأَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَفِيهِ فَضْلُ الْعَبَّاسِ وَفَضْلُ عُمَرَ لِتَوَاضُعِهِ لِلْعَبَّاسِ وَمَعْرِفَتِهِ بِحَقِّهِ انْتَهَى كَلَامُ الْفَتْحِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: " كَانَ إذَا قُحِطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ " أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا كَثِيرَةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ كَانَ، فَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَانَتْ (كَانَ) مُجَرَّدَةً عَنْ مَعْنَاهَا الَّذِي هُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ
١٣٥٠ - (وَعَنْ الشَّعْبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ يَسْتَسْقِي، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ، فَقَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْغَيْثَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّذِي يُسْتَنْزَلُ بِهِ الْمَطَرُ، ثُمَّ قَرَأَ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: ١٠] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١١] {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: ٩٠] الْآيَةَ رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ) قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِكْثَارِ مِنْ الِاسْتِغْفَارِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْقَطْرِ مُتَسَبِّبٌ عَنْ الْمَعَاصِي وَالِاسْتِغْفَارُ يَمْحُوهَا فَيَزُولُ بِزَوَالِهَا الْمَانِعُ مِنْ الْقَطْرِ قَوْلُهُ: (بِمَجَادِيحَ) بِجِيمٍ ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ حَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْضًا جَمْعُ مِجْدَحٍ كَمِنْبَرٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: مَجَادِيحُ السَّمَاءِ: أَنْوَاؤُهَا انْتَهَى.
وَالْمُرَادُ بِالْأَنْوَاءِ النُّجُومُ الَّتِي يَحْصُلُ عِنْدَهَا الْمَطَرُ عَادَةً، فَشَبَّهَ الِاسْتِغْفَارَ بِهَا وَاسْتَدَلَّ عُمَرُ بِالْآيَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ الَّذِي ظَنَّ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ اسْتِسْقَاءً مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَحْصُلُ عِنْدَهَا الْمَطَرُ وَالْخِصْبُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ قَدْ وَعَدَ عِبَادَهُ بِذَلِكَ وَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْوَعْدَ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الِاسْتِغْفَارُ وَاقِعًا مِنْ صَمِيمِ الْقَلْبِ وَتَطَابَقَ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، وَذَلِكَ مِمَّا يَقِلُّ وُقُوعُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute