للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ عَائِشَةَ: " لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ ". وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ كَمَا تَقَدَّمَ

وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِالِاسْتِحْبَابِ أَنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ: " لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ " يَحْتَمِلُ نَفْيَ وَجُودِهِمَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَفْيَ الْمَعْدُودِ: أَيْ الثَّلَاثَةِ خَارِجَةٌ عَنْ الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ وَهُمَا زَائِدَانِ وَأَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ جَدِيدٌ، أَوْ لَيْسَ فِيهَا الْقَمِيصُ الَّذِي غُسِّلَ فِيهِ أَوْ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ مَكْفُوفُ الْأَطْرَافِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ هُوَ الظَّاهِرُ، وَمَا عَدَاهُ مُتَعَسِّفٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ

قَوْلُهُ: (جُدُدٍ) هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَفْظُ: " جُدُدٍ " وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لَهُمَا بَدَلَ " جُدُدٍ " " مِنْ كُرْسُفٍ " وَهُوَ الْقُطْنُ

قَوْلُهُ: (بِيضٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّكْفِينِ فِي الْأَبْيَضِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (سُحُولِيَّةٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَيُرْوَى بِفَتْحِ أَوَّلِهِ: نِسْبَةً إلَى سُحُولَ قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْفَتْحُ أَشْهُرُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَغَيْرُهُ: هِيَ ثِيَابٌ بِيضٌ نَقِيَّةٌ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْقُطْنِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ثِيَابٌ بِيضٌ وَلَمْ يَخُصَّهَا بِالْقُطْنِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " سُحُولُ " بِدُونِ نِسْبَةٍ، وَهُوَ جَمْعُ سَحُلٍ، وَالسَّحْلُ: الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ النَّقِيُّ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ قُطْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: بِالْفَتْحِ: الْمَدِينَةُ، وَبِالضَّمِّ: الثِّيَابُ. وَقِيلَ: النِّسْبَةُ إلَى الْقَرْيَةِ بِالضَّمِّ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَنِسْبَةٌ إلَى الْقِصَارِ لِأَنَّهُ يَسْحَلُ الثِّيَابَ: أَيْ يُنَقِّيهَا كَذَا فِي الْفَتْحِ

قَوْلُهُ: (يَمَانِيَةٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا لُغَةً فِي تَشْدِيدِهَا. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْأَلِفَ بَدَلٌ مِنْ يَاءِ النِّسْبَةِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ، فَيُقَالُ: يَمَنِيَّةٌ بِالتَّشْدِيدِ أَوْ يَمَانِيَةٌ بِالتَّخْفِيفِ وَكِلَاهُمَا نِسْبَةٌ إلَى الْيَمَنِ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ، وَمَعْنَاهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَفْضَلِ الْكَفَنِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ. فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ أَفْضَلَهَا ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ بِيضٍ

وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَتَقْرِيرُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ لِيَخْتَارَ لِنَبِيِّهِ إلَّا الْأَفْضَلَ. وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهَا ثَوْبٌ حِبَرَةٌ. وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِسْنَادُهُ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ: حَسَنٌ، وَلَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، عَلَى أَنَّا قَدْ قَدَّمْنَا عَنْ عَائِشَةَ " أَنَّهُمْ نَزَعُوا عَنْهُ ثَوْبَ الْحِبَرَةِ " وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ. وَقَالَ الْهَادِي: إنَّ الْمَشْرُوعَ إلَى سَبْعَةِ ثِيَابٍ

وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا يَنْتَهِضُ لِمُعَارَضَةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ: إنَّهَا تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَارُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَعَائِشَةَ فِي «تَكْفِينِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» ، وَلَكِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>