١٣٩٤ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ)
ــ
[نيل الأوطار]
لَا يَخْفَى أَنَّ إثْبَاتَ ثَلَاثَةِ ثِيَابٍ لَا يَنْفِي الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ نَاقِلَ الزِّيَادَةِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَعَرَّضَ رُوَاةُ الثَّلَاثَةِ لِنَفْيِ مَا زَادَ عَلَيْهَا لَكَانَ الْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنْ النَّافِي، نَعَمْ حَدِيثُ عَلِيٍّ فِيهِ الْمَقَالُ الْمُتَقَدِّمُ، فَإِنْ صَلُحَ الِاحْتِجَاجُ مَعَهُ فَالْمَصِيرُ إلَى الْجَمْعِ بِمَا ذَكَرْنَا مُتَعَيَّنٌ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فَلَا فَائِدَةَ فِي الِاشْتِغَالِ بِهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى رِوَايَةِ الثَّلَاثَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَيَبْعُدُ أَنْ يَخْفَى عَلَى جَمِيعِهِمْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: إنَّ السَّبْعَةَ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ إجْمَاعًا.
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، ابْنُ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ، وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي اللِّبَاسِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ. وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ وَالْبَزَّارِ فِي مُسْنَدِهِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ يَرْفَعُهُ «أَحْسَنُ مَا زُرْتُمْ اللَّهَ بِهِ فِي قُبُورِكُمْ وَمَسَاجِدِكُمْ الْبَيَاضُ» وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ لُبْسِ الْبَيَاضِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ اللِّبَاسِ وَعَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَكْفِينِ الْمَوْتَى فِي الثِّيَابِ الْبِيضِ، وَهُوَ إجْمَاعٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمْ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَكْفَانِ ثَوْبٌ حِبَرَةٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا سَلَفَ
وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ بِلَفْظِ: «إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُكُمْ فَوَجَدَ شَيْئًا فَلْيُكَفَّنْ فِي ثَوْبٍ حِبَرَةٍ» وَالْأَمْرُ بِاللُّبْسِ وَالتَّكْفِينِ فِي الثِّيَابِ الْبِيضِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ لِمَا قَدَّمْنَا فِي أَبْوَابِ اللِّبَاسِ.
١٣٩٥ - (وَعَنْ لَيْلَى بِنْتِ قَانِفٍ الثَّقَفِيَّةِ قَالَتْ: «كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ وَفَاتِهَا، وَكَانَ أَوَّلَ مَا أَعْطَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحِقَا، ثُمَّ الدَّرْعُ، ثُمَّ الْخِمَارُ ثُمَّ الْمِلْحَفَةُ ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ الْآخِرِ. قَالَتْ: وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْبَابِ مَعَهُ كَفَنُهَا، يُنَاوِلُنَا ثَوْبًا ثَوْبًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ الْحَسَنُ: الْخِرْقَةُ الْخَامِسَةُ يُشَدُّ بِهَا الْفَخِذَانِ وَالْوَرِكَانِ تَحْتَ الدِّرْعِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute