للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥١٦ - (وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي: وَاجَبَلَاهُ وَاكَذَا وَاكَذَا تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْت شَيْئًا إلَّا قِيلَ لِي أَنْتَ كَذَلِكَ؛ فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)

ــ

[نيل الأوطار]

حَدِيثُ أَبِي مُوسَى رَوَاهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَحَدِيثُ النُّعْمَانِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي مِنْ صَحِيحِهِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ قَوْلُهُ: (وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ) هُوَ مِنْ الْمَعَاصِي الَّتِي يَتَسَاهَلُ فِيهَا الْعُصَاةُ

وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ» وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي تَوْجِيهِ إطْلَاقِ الْكُفْرِ عَلَى مَنْ فَعَلَ هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ أَقْوَالٌ أَصَحّهَا أَنَّ مَعْنَاهُ هُمَا مِنْ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ وَأَخْلَاقِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ وَالثَّالِثُ كُفْرُ النِّعْمَةِ وَالْإِحْسَانِ وَالرَّابِعُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَحِلِّ انْتَهَى.

قَوْلُهُ: (وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ) هُوَ قَوْلُ الْقَائِلِ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا، أَوْ سُؤَالِ الْمَطَرِ مِنْ الْأَنْوَاءِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ اعْتِقَادِ أَنَّهَا الْمُؤَثِّرَةُ فِي نُزُولِ الْمَطَرِ فَهُوَ كُفْرٌ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» وَإِخْبَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَ لَا تَتْرُكُهَا أُمَّتُهُ مِنْ عَلَامَاتِ نُبُوَّتِهِ، فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ فِيهِمْ عَلَى تَعَاقُبِ الْعُصُورِ وَكُرُورِ الدُّهُورِ لَا يَتْرُكُهَا مِنْ النَّاسِ إلَّا النَّادِرُ الْقَلِيلُ قَوْلُهُ: «الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ» قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ: (وَاعَضُدَاهُ) . . . إلَخْ أَيْ أَنَّهُ كَانَ لَهَا كَالْعَضُدِ وَكَانَ لَهَا نَاصِرًا وَكَاسِبًا وَكَانَ لَهَا كَالْجَبَلِ تَأْوِي إلَيْهِ عِنْدَ طُرُوقِ الْحَوَادِثِ فَتَعْتَصِمُ بِهِ وَمُسْتَنَدًا تَسْتَنِدُ إلَيْهِ فِي أُمُورِهَا قَوْلُهُ: (يَلْهَزَانِهِ) أَيْ يَلْكُزَانِهِ وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ النِّيَاحَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ إلَّا مَا يُرْوَى عَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ: النِّيَاحَةُ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ «أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: ١٢]- إلَى - {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: ١٢] ، قَالَتْ كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَةُ، قَالَتْ: فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إلَّا آلَ فُلَانٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَسْعَدُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أُسْعِدَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إلَّا آلُ فُلَانٍ وَغَايَةُ مَا فِيهِ التَّرْخِيصُ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِي آلِ فُلَانٍ خَاصَّةً» ، فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى حِلِّ ذَلِكَ لِغَيْرِهَا فِي غَيْرِ آلِ فُلَانٍ؟ وَلِلشَّارِعِ أَنْ يَخُصَّ مِنْ الْعُمُومِ مَا شَاءَ

وَقَدْ اسْتَشْكَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا مُقْتَضَى لِذَلِكَ فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>