للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥١٧ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ الْكَرْبُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاكَرْبَ أَبَتَاهُ، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ يَا أَبَتَاهُ إلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ: أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التُّرَابَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

١٥١٨ - (وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاتِهِ فَوَضَعَ فَمَه بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ وَقَالَ: وَانَبِيَّاهُ وَاخَلِيلَاهُ وَاصَفِيَّاهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ)

ــ

[نيل الأوطار]

لِلشَّارِعِ أَنْ يَخُصَّ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ وَقَدْ وَرَدَ لَعْنُ النَّائِحَةِ وَالْمُسْتَمِعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ الطَّبَرَانِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ ابْنِ عَدِيِّ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ أَيْضًا قَالَتْ: «أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ، فَمَا وَفَّتْ مِنَّا امْرَأَةٌ إلَّا خَمْسٌ، فَذَكَرَتْ مِنْهُنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَأُمَّ الْعَلَاءِ وَابْنَةَ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةَ مُعَاذٍ» وَثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَنْهَى نِسَاءَ جَعْفَرٍ عَنْ الْبُكَاءِ» كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، وَالْمُرَادُ بِالْبُكَاءِ هُنَا النَّوْحُ كَمَا تَقَدَّمَ

قَوْلُهُ: (فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْأَوَّلِ: وَاكَرْبَ أَبَتَاهُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: فِي هَذَا نَظَرٌ، وَقَدْ رَوَاهُ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ ثَابِتٍ بِلَفْظِ " وَاكَرْبَاهُ " قَوْلُهُ: (أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلِسَانُ حَالِ أَنَسٍ لَمْ تَطِبْ أَنْفُسُنَا لَكِنْ قَهَرْنَاهَا امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ

وَقَدْ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: مَا نَفَضْنَا أَيْدِينَا مِنْ دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا. وَمِثْلُهُ عَنْ أَنَسٍ يُرِيدُ أَنْ تَغَيَّرَتْ عَمَّا عَهِدْنَا مِنْ الْأُلْفَةِ وَالصَّفَاءِ وَالرِّقَّةِ لِفُقْدَانِ مَا كَانَ يَمُدُّهُمْ بِهِ مِنْ التَّعْلِيمِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ فَاطِمَةَ. . . إلَخْ جَوَازُ ذِكْرِ الْمَيِّتِ بِمَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: لَيْسَ هَذَا مِنْ نَوْحِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ الْكَذِبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ نُدْبَةٌ مُبَاحَةٌ انْتَهَى. وَعَلَى فَرْضِ صِدْقِ اسْمِ النَّوْحِ فِي لِسَانِ الشَّارِعِ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَلَيْسَ فِي فِعْلِ فَاطِمَةَ وَأَبِي بَكْرٍ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ لَا يَصْلُحُ لِلْحُجِّيَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَيُحْمَلُ مَا وَقَعَ عَنْهُمَا عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَبْلُغْهُمَا أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُمَا بِمَحْضَرِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ حَتَّى يَكُونَ كَالْإِجْمَاعِ مِنْهُمْ عَلَى الْجَوَازِ لِسُكُوتِهِمْ عَلَى الْإِنْكَارِ وَالْأَصْلُ أَيْضًا عَدَمُ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>