. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَجِبَ فِي جِنْسِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ رِفْقًا بِالْمَالِكِ، فَإِذَا رَجَعَ بِاخْتِيَارِهِ إلَى الْأَصْلِ أَجْزَأَهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَعِيرِ مَثَلًا دُونَ قِيمَةِ أَرْبَعِ شِيَاهٍ فَفِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَالْأَقْيَسُ أَنَّهُ لَا يَجْزِي انْتَهَى.
قَوْلُهُ: «فِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ» الذَّوْدُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ، قَالَ الْأَكْثَرُ: وَهُوَ مِنْ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ، لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مِنْ الِاثْنَيْنِ إلَى الْعَشَرَةِ قَالَ: وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِنَاثِ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: تَقُولُ: ثَلَاثُ ذَوْدٍ؛ لِأَنَّ الذَّوْدَ مُؤَنَّثٌ وَلَيْسَ بِاسْمِ كُسِّرَ عَلَيْهِ مُذَكَّرٌ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَصْلُهُ ذَادَ يَذُودُ إذَا دَفَعَ شَيْئًا فَهُوَ مَصْدَرٌ، وَكَأَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَعَرَّةَ الْفَقْرِ وَشِدَّةَ الْفَاقَةِ وَالْحَاجَةِ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ فَقَطْ، وَأَنْكَرَ أَنْ يُرَادَ بِالذَّوْدِ الْجَمْعُ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ خَمْسُ ذَوْدٍ، كَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ خَمْسُ ثَوْبٍ، وَغَلَّطَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمِ السِّجِسْتَانِيُّ: تَرَكُوا الْقِيَاسَ فِي الْجَمْعِ فَقَالُوا: خَمْسُ ذَوْدٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ كَمَا قَالُوا ثَلَثُمِائَةٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الذَّوْدَ وَاحِدٌ فِي لَفْظِهِ قَالَ الْحَافِظُ: وَالْأَشْهَرُ مَا قَالَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ
قَوْلُهُ: «فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ مَخَاضٍ» بِنْتُ الْمَخَاضِ بِفَتْحِ الْمِيمِ بَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ خَفِيفَةٌ وَآخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ: هِيَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا حَوْلٌ وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِي وَحَمَلَتْ أُمُّهَا، وَالْمَاخِضُ: الْحَامِلُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ حَمْلِهَا وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ إلَى الْخَمْسِ وَالثَّلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَنَّ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ خَمْسَ شِيَاهٍ، فَإِذَا صَارَتْ سِتًّا وَعِشْرِينَ كَانَ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ» وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُ الْمَرْفُوعِ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ: (فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ) هُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، وَصَارَتْ أُمُّهُ لَبُونًا بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَقَوْلُهُ ذَكَرٌ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ ابْنُ لَبُونٍ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعُدُولِ إلَى ابْنِ اللَّبُونِ عِنْدَ عَدَمِ بِنْتِ الْمَخَاضِ قَوْلُهُ: (ابْنَةُ لَبُونٍ) زَادَ الْبُخَارِيُّ " أُنْثَى " قَوْلُهُ: (حِقَّةٌ) الْحِقَّةُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ، وَالْجَمْعُ حِقَاقٌ بِالْكَسْرِ، وَطَرُوقَةُ الْفَحْلِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ: أَيْ مَطْرُوقَةٌ كَحَلُوبَةٍ بِمَعْنَى مَحْلُوبَةٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا بَلَغَتْ أَنْ يَطْرُقَهَا الْفَحْلُ، وَفِي الَّتِي أَتَتْ عَلَيْهَا ثَلَاثُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ قَوْلُهُ: (فَفِيهَا جَذَعَةٌ) الْجَذَعَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا أَرْبَعُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ. قَوْلُهُ: (فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ بِوَاحِدَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِالْمُجَاوَزَةِ بِدُونِ وَاحِدَةٍ كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ فَقَالَ: يَجِبُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute