. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
بِزِيَادَةِ بَعْضِ وَاحِدَةٍ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فِي كِتَابِ عُمَرَ الْآتِي بِلَفْظِ: " فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً " وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَإِلَى مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ ذَهَبَ النَّاصِرُ وَالْهَادِي فِي الْأَحْكَامِ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُمَا الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ، وَحَكَى فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالنَّخَعِيِّ وَحَمَّادٍ وَالْهَادِي وَأَبِي طَالِبٍ وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَأَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّ الْفَرِيضَةَ تُسْتَأْنَفُ بَعْدَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ، فَيَجِبُ فِي الْخَمْسِ شَاةٌ ثُمَّ كَذَلِكَ
وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ اُسْتُؤْنِفَتْ الْفَرِيضَةُ " وَهَذَا إنْ صَحَّ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى الِاسْتِئْنَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ: أَعْنِي إيجَابَ بِنْتِ اللَّبُونِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ، وَالْحِقَّةِ فِي كُلِّ خَمْسِينَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُرَجَّحُ حَدِيثُ الِاسْتِئْنَافِ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ إلَى إيجَابِ شَاةٍ فِي كُلِّ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ عَلَى حَسَبِ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِيجَابِ، يَعْنِي إيجَابَ شَاةٍ مَثَلًا فِي الْخَمْسِ الزَّائِدَةِ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، وَحَدِيثُ الْبَابِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْإِسْقَاطِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ وَهْمٌ نَاشِئٌ مِنْ قَوْلِهِ: " وَإِذَا زِدْت فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ " فَظَنَّ أَنَّ مَعْنَاهُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْ الزِّيَادَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مَعْنَاهُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالْمَزِيدِ وَحُكِيَ فِي الْفَتْحِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُ قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمَنْ مَعَهُمَا وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ يَقُولُ بِذَلِكَ إلَى مِائَةٍ وَخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، ثُمَّ لَهُ فِيمَا زَادَ رِوَايَتَانِ كَالْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ وَكَالْمَذْهَبِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُصَدِّقِ قَبُولُ مَا هُوَ أَدْوَنَ، وَيَأْخُذُ التَّفَاوُتَ مِنْ جِنْسٍ غَيْرِ جِنْسِ الْوَاجِبِ وَكَذَا الْعَكْسُ وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ فَضْلِ الْقِيمَةِ مِنْ الْمُصَدِّقِ أَوْ رَبِّ الْمَالِ، وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى التَّقْوِيمِ، لَكِنْ أَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُنْظَرْ إلَى مَا بَيْنَ السِّنِينَ فِي الْقِيمَةِ، وَكَانَ الْعَرْضُ يَزِيدُ تَارَةً وَيَنْقُصُ أُخْرَى لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ فِي الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ، فَلَمَّا قَدَّرَ الشَّارِعُ التَّفَاوُتَ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبَ فِي الْأَصْلِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَلَوْلَا تَقْدِيرُ الشَّارِعِ بِذَلِكَ لَتَعَيَّنَتْ بِنْتُ الْمَخَاضِ مَثَلًا، وَلَمْ يَجُزْ إنْ تَبَدَّلَ ابْنُ لَبُونٍ مَعَ التَّفَاوُتِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى الْقِيمَةِ فَقَطْ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَذَهَبَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ إلَى أَنَّ الْفَضْلَ بَيْنَ كُلِّ سِتِّينَ شَاةً أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ
قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا) أَيْ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ مُتَبَرِّعًا. قَوْلُهُ: (فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا شَاتَانِ) قَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ أَقَلِّ الْمُرَادِ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمُطْلَقَةِ فَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: " فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا شَاتَانِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ خِلَافُ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَفِي مِائَةِ شَاةٍ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ الشَّاةُ الرَّابِعَةُ حَتَّى تُوُفِّيَ أَرْبَعَمِائَةِ شَاةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَعَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ: إذَا زَادَتْ عَلَى الثَّلَثِمَائَةٍ وَاحِدَةٌ وَجَبَتْ الْأَرْبَعُ. قَوْلُهُ: (هَرِمَةٌ) بِفَتْحَةِ الْهَاءِ وَكَسْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute