للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

الرَّاءِ: الْكَبِيرَةُ الَّتِي سَقَطَتْ أَسْنَانُهَا

قَوْلُهُ: (وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا، وَقِيلَ: بِالْفَتْحِ فَقَطْ: أَيْ مَعِيبَةٌ، وَقِيلَ: بِالْفَتْحِ الْعَيْبُ، وَبِالضَّمِّ: الْعَوَرُ. وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ ذَلِكَ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ مَا ثَبَتَ بِهِ الرَّدُّ فِي الْبَيْعِ، وَقِيلَ: مَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَيَدْخُلُ فِي الْمَعِيبِ الْمَرِيضُ وَالذَّكَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُنْثَى وَالصَّغِيرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى سِنٍّ أَكْبَرَ مِنْهُ

قَوْلُهُ: (وَلَا تَيْسٌ) بِتَاءٍ فَوْقِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ وَيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ: وَهُوَ فَحْلُ الْغَنَمِ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: اُخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ، يَعْنِي الْمُصَدِّقَ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ بِالتَّشْدِيدِ، وَالْمُرَادُ الْمَالِكُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَتَقْدِيرُ الْحَدِيثِ: لَا هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَيْبٍ أَصْلًا، وَلَا يَأْخُذُ التَّيْسَ إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ لِكَوْنِهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، فَفِي أَخْذِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ إضْرَارٌ بِهِ، وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُخْتَصٌّ بِالثَّالِثِ وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُوَ السَّاعِي، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى التَّفْوِيضِ إلَيْهِ فِي اجْتِهَادِهِ لِكَوْنِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْوَكِيلِ فَلَا يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ فَيَتَقَيَّدُ بِمَا تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ: مَعْنَى هَذَا أَنْ يَكُونَ النَّفَرُ الثَّلَاثَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ فَيَجْمَعُونَهَا حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ فِيهَا إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ يَكُونُ لِلْخَلِيطَيْنِ مِائَتَا شَاةٍ وَشَاةٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَيُفَرِّقُونَهَا حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ خِطَابٌ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ جِهَةٍ وَالسَّاعِي مِنْ جِهَةٍ، فَأُمِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ لَا يُحْدِثَ شَيْئًا مِنْ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، فَرَبُّ الْمَالِ يَخْشَى أَنْ تَكْثُرَ الصَّدَقَةُ فَيَجْمَعَ أَوْ يُفَرِّقَ لِتَقِلَّ، وَالسَّاعِي أَنْ تَقِلَّ الصَّدَقَةُ فَيَجْمَعَ أَوْ يُفَرِّقَ لِتَكْثُرَ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: " خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ " أَيْ خَشْيَةَ أَنْ تَكْثُرَ أَوْ تَقِلَّ؛ فَلَمَّا كَانَ مُحْتَمِلًا لِلْأَمْرَيْنِ لَمْ يَكُنِ الْحَمْلُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِمَا مَعًا، لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْمَالِكِ أَظْهَرُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ دُونَ النِّصَابِ مِنْ الْفِضَّةِ وَدُونَ النِّصَابِ مِنْ الذَّهَبِ مَثَلًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ ضَمُّ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ حَتَّى يَصِيرَ نِصَابًا كَامِلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالضَّمِّ كَالْمَالِكِيَّةِ وَالْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ

وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ بِبَلَدٍ لَا تَبْلُغُ النِّصَابَ وَلَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ مَا يُوَفِّيهِ مِنْهَا أَنَّهَا لَا تُضَمُّ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ: فَقَالُوا تُجْمَعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ أَمْوَالُهُ وَلَوْ كَانَتْ فِي بُلْدَانٍ شَتَّى وَيُخْرَجُ مِنْهَا الزَّكَاةُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى إبْطَالِ الْحِيلَةِ وَالْعَمَلِ عَلَى الْمَقَاصِدِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِالْقَرَائِنِ قَوْلُهُ: (وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطٍ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْخَلِيطَيْنِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُمَا الشَّرِيكَانِ، قَالَ: وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ إلَّا مِثْلُ الَّذِي كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>