للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٣٥ - (وَعَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَتَبَ الصَّدَقَةَ وَلَمْ يُخْرِجْهَا إلَى عُمَّالِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ، قَالَ: فَأَخْرَجَهَا أَبُو بَكْرٍ مِنْ بَعْدِهِ فَعَمِلَ بِهَا حَتَّى تُوُفِّيَ؛ ثُمَّ أَخْرَجَهَا عُمَرُ مِنْ بَعْدِهِ فَعَمِلَ بِهَا، قَالَ: فَلَقَدْ هَلَكَ عُمَرُ يَوْمَ هَلَكَ وَإِنَّ ذَلِكَ لَمَقْرُونٌ بِوَصِيَّتِهِ، قَالَ: فَكَانَ فِيهَا فِي الْإِبِلِ فِي خَمْسٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ؛ فَإِذَا بَلَغَتْ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ؛ فَإِنْ

ــ

[نيل الأوطار]

لَوْ لَمْ يَكُنْ خَلْطٌ

وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ جَرِيرٍ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَفْرِيقُهَا مِثْلَ جَمْعِهَا فِي الْحُكْمِ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ أَمْرٍ لَوْ فَعَلَهُ كَانَ فِيهِ فَائِدَةٌ، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَمْ يَكُنْ لِتَرَاجُعِ الْخَلِيطَيْنِ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ مَعْنًى وَمِثْلُ تَفْسِيرِ أَبِي حَنِيفَةَ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ إذَا بَلَغَتْ مَاشِيَتُهُمَا النِّصَابَ زَكَّيَا، وَالْخَلْطُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي الْمَسْرَحِ وَالْمَبِيتِ وَالْحَوْضِ وَالْفَحْلِ، وَالشَّرِكَةُ أَخَصُّ مِنْهُمَا وَمِثْلُ ذَلِكَ رَوَى سُفْيَانُ فِي جَامِعِهِ عَنْ عُمَرَ، وَالْمَصِيرُ إلَى هَذَا التَّفْسِيرِ مُتَعَيِّنٌ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَلِيطَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ} [ص: ٢٤] ، وَقَدْ بَيَّنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص: ٢٣] ، وَاعْتَذَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَبْلُغْهُمْ أَوْ أَرَادُوا أَنَّ الْأَصْلَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» وَحُكْمُ الْخَلِيطِ يُخَالِفُهُ يَرُدُّهُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ الِانْفِرَادِ وَعَدَمِ الْخُلْطَةِ، لَا إذَا انْضَمَّ مَا دُونَ الْخَمْسِ إلَى عَدَدِ الْخَلِيطِ يَكُونُ بِهِ الْجَمِيعُ نِصَابًا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَزْكِيَةُ الْجَمِيعِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ مَعْنَاهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بِهَذَا

وَمَعْنَى التَّرَاجُعِ قَالَ الْخَطَّابِيِّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً مَثَلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ قَدْ عَرَفَ مِنْهُمَا عَيْنَ مَالِهِ، فَيَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ شَاةً فَيَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْ مَالِهِ عَلَى خَلِيطِهِ بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ وَهِيَ تُسَمَّى خَلْطَ الْجِوَارِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةً) لَفْظُ الشَّاةِ الْأَوَّلِ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مُمَيِّزُ عَدَدِ أَرْبَعِينَ، وَلَفْظُ الشَّاةِ الثَّانِي مَنْصُوبٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ مُمَيِّزُ نِسْبَةٍ نَاقِصَةٍ إلَى السَّائِمَةِ قَوْلُهُ: (وَفِي الرِّقَةِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ: هِيَ الْفِضَّةُ الْخَالِصَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَضْرُوبَةً أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ قَالَ الْحَافِظُ: قِيلَ: أَصْلُهَا الْوَرِقُ فَحُذِفَتْ الْوَاوُ وَعُوِّضَتْ الْهَاءُ، وَقِيلَ: تُطْلَقُ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِخِلَافِ الْوَرِقِ، وَعَلَى هَذَا قِيلَ: إنَّ الْأَصْلَ فِي زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ نِصَابُ الْفِضَّةِ، فَإِذَا بَلَغَ الذَّهَبُ مَا قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فِضَّةً خَالِصَةً وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَهِيَ رُبْعُ الْعُشْرِ.

وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ فِي بَابِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>