١٥٩٠ - (وَعَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إنَّ الْمَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكِدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ إلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)
ــ
[نيل الأوطار]
وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ الْمَذْكُورُ فِي إسْنَادِهِ قَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ مَعِينٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ وَحَدِيثُ سَهْلٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ. وَحَدِيثُ ابْنُ مَسْعُودٍ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: وَقَدْ تَكَلَّمَ شُعْبَةُ فِي حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ) فِيهِ الْأَمْرُ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ الَّذِي امْتَهَنَ نَفْسَهُ بِذُلِّ السُّؤَالِ فَلَا يُقَابِلُهُ بِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ وَاحْتِقَارِهِ، بَلْ يُكْرِمُهُ بِإِظْهَارِ السُّرُورِ لَهُ، وَيُقَدِّرُ أَنَّ الْفَرَسَ الَّتِي تَحْتَهُ عَارِيَّةٌ، أَوْ أَنَّهُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ مَعَ الْغِنَى كَمَنْ تَحَمَّلَ حَمَالَةً أَوْ غَرِمَ غُرْمًا لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ قَوْلُهُ: (وَلَهُ قِيمَةُ أُوقِيَّةٍ) قَالَ أَبُو دَاوُد: زَادَ هِشَامٌ فِي رِوَايَتِهِ: وَكَانَتْ الْأُوقِيَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا قَوْلُهُ: (فَقَدْ أَلْحَفَ) قَالَ الْوَاحِدِيُّ:
الْإِلْحَافُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ الْإِلْحَاحُ فِي الْمَسْأَلَةِ. قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ: لَيْسَ لِلسَّائِلِ الْمُلْحِفِ مِثْلُ الرَّدِّ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى أَلْحَفَ: شَمَلَ بِالْمَسْأَلَةِ وَالْإِلْحَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ: هُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى وُجُوهِ الطَّلَبِ بِالْمَسْأَلَةِ كَاشْتِمَالِ اللِّحَافِ فِي التَّغْطِيَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَى الْإِلْحَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَلْحَفَ الرَّجُلُ: إذَا مَشَى فِي لُحُفِ الْجَبَلِ وَهُوَ أَصْلُهُ كَأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْخُشُونَةَ فِي الطَّلَبِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ) أَيْ يَطْلُبُ الْكَثْرَةَ قَوْلُهُ: (مَا يُغَدِّيهِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ مِنْ الطَّعَامِ بِحَيْثُ يُشْبِعُهُ قَوْلُهُ: (وَيُعَشِّيهِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْضًا. فَعَلَى رِوَايَةِ التَّخْيِيرِ يَكُونُ الْمَعْنَى: أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا حَصَلَ لَهُ أَكْلَةٌ فِي النَّهَارِ غَدَاءٌ أَوْ عَشَاءٌ كَفَتْهُ وَاسْتَغْنَى بِهَا. وَعَلَى رِوَايَةِ الْجَمْعِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ فِي يَوْمِهِ أَكْلَتَانِ كَفَتَاهُ قَوْلُهُ: (خُدُوشًا) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَدْشٍ: وَهُوَ خَمْشُ الْوَجْهِ بِظُفْرٍ أَوْ حَدِيدَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا قَوْلُهُ: (أَوْ كُدُوشًا) بِضَمِّ الْكَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَ الْوَاوِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ جَمْعُ كَدْشٍ وَهُوَ الْخَدْشُ قَوْلُهُ: (أَوْ حِسَابُهَا مِنْ الذَّهَبِ) هَذِهِ رِوَايَةُ أَحْمَدَ، وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُد " أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ "
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الثَّلَاثَةُ قَدْ اسْتَدَلَّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا طَائِفَةُ الْمُخْتَلِفِينَ فِي حَدِّ الْغِنَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا بِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَحْرُمُ السُّؤَالُ عِنْدَهُ هُوَ أَكْثَرُهَا، وَهِيَ الْخَمْسُونَ عَمَلًا بِالزِّيَادَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute