للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٩٧ - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدُ فَهُوَ غُلُولٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .

بَابُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ

١٥٩٨ - (عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا عَلَى الْإِسْلَامِ إلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِشَاءٍ كَثِيرٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ مَنْ شَاءِ الصَّدَقَةِ، قَالَ: فَرَجَعَ إلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ) .

١٥٩٩ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ سَبْيٍ فَقَسَمَهُ، فَأَعْطَى رِجَالًا وَتَرَكَ رِجَالًا، فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَوَاَللَّهِ إنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَأَدَعُ الرَّجُلَ، وَاَلَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنِّي أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ، وَأَكِلُ أَقْوَامًا إلَى

ــ

[نيل الأوطار]

ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ وَقَدْ يَكُونُ عَكْسَهُ، فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ خَازِنَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوصِلَهَا إلَى مُسْتَحِقٍّ لَلصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ، وَإِنْ أَعْطَاهُ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا أَوْ نَحْوِهِمَا حَيْثُ لَهُ كَثِيرُ قِيمَةٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مُحْتَاجٍ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، بِحَيْثُ يُقَابِلُ ذَهَابُ الْمَاشِي إلَيْهِ الْأَكْثَرَ مِنْ الرُّمَّانَةِ وَنَحْوِهَا فَأَجْرُ الْخَازِنِ أَكْثَرُ. وَقَدْ يَكُونُ الذَّهَابُ مِقْدَارَ الرُّمَّانَةِ فَيَكُونُ الْأَجْرُ سَوَاءً

قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: يَدْخُلُ فِي الْخَازِنِ مَنْ يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ، عَلَى عِيَالِهِ مِنْ وَكِيلٍ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَغُلَامٍ، وَمَنْ يَقُومُ عَلَى طَعَامِ الضِّيفَانِ.

١٥٩٧ - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدُ فَهُوَ غُلُولٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .

الْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْعَامِلِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فَرَضَ لَهُ مَنْ اسْتَعْمَلَهُ، وَأَنَّ مَا أَخَذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الْغُلُولِ، وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إجَارَةٌ وَلَكِنَّهَا فَاسِدَةٌ يَلْزَمُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلِهَذَا ذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ الْمُسْتَعْمِلِ لِلْعَامِلِ تُؤْخَذُ عَلَى حَسَبِ الْعَمَلِ فَلَا يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ. وَقِيلَ: يَأْخُذُ وَيَكُونُ مِنْ بَابِ الصَّرْفِ.

وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَوَازِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَامِلُ حَقَّهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ، فَيَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ انْتَهَى

<<  <  ج: ص:  >  >>