١٦١٢ - (وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «بَعَثَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَبَعَثْتُ إلَى عَائِشَةَ مِنْهَا بِشَيْءٍ؛ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: لَا إلَّا أَنَّ نُسَيْبَةَ بَعَثَتْ إلَيْنَا مِنْ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثْتُمْ بِهَا إلَيْهَا، فَقَالَ: إنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
١٦١٣ - (وَعَنْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ: هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ فَقَالَتْ: لَا وَاَللَّهِ مَا عِنْدَنَا طَعَامٌ إلَّا عَظْمٌ مِنْ شَاةٍ أَعْطَيْتُهَا مَوْلَاتِي مِنْ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: قَدِّمِيهَا فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنْ النَّاصِرِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ النَّاصِرِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَيَحْيَى وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنْ النَّاصِرِ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ لَهُ إنَّهَا تَحِلُّ لَهُمْ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ مَفْقُودَةٌ وَهِيَ الشَّرَفُ. قُلْنَا: جَزْمُ الْخَبَرِ يَدْفَعُ ذَلِكَ انْتَهَى. وَنَصْبُ هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي مُقَابِلِ هَذَا الدَّلِيلِ الصَّحِيحِ مِنْ الْغَرَائِبِ الَّتِي يَعْتَبِرُ بِهَا الْمُتَيَقِّظُ.
١٦١٣ - (وَعَنْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ: هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ فَقَالَتْ: لَا وَاَللَّهِ مَا عِنْدَنَا طَعَامٌ إلَّا عَظْمٌ مِنْ شَاةٍ أَعْطَيْتُهَا مَوْلَاتِي مِنْ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: قَدِّمِيهَا فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ) . قَوْلُهُ: (هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ) أَيْ مِنْ الطَّعَامِ. قَوْلُهُ: (نُسَيْبَةُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: بِالنُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرًا: اسْمُ أُمِّ عَطِيَّةَ انْتَهَى. وَأَمَّا نَسِيبَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ السِّينِ فَهِيَ أُمُّ عُمَارَةَ قَوْلُهُ: (بَلَغَتْ مَحِلَّهَا) أَيْ إنَّهَا لَمَّا تَصَرَّفَتْ فِيهَا بِالْهَدِيَّةِ لِصِحَّةِ مِلْكِهَا لَهَا انْتَقَلَتْ عَنْ حُكْمِ الصَّدَقَةِ فَحَلَّتْ مَحِلَّ الْهَدِيَّةِ وَكَانَتْ تَحِلُّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ كَذَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِهَا مِنْ الْحُلُولِ: أَيْ بَلَغَتْ مُسْتَقَرَّهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَوَالِي أَزْوَاجِ بَنِي هَاشِمٍ لَيْسَ حُكْمُهُمْ كَحُكْمِ مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ فَتَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ اتِّفَاقَ الْفُقَهَاءِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِ الزَّوْجَاتِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ قُدَامَةَ ذَكَرَ أَنَّ الْخَلَّالَ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «إنَّا آلُ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا. قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ إلَى عَائِشَةَ حَسَنٌ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا وَهَذَا لَا يَقْدَحُ فِيمَا نَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنِيرِ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْأَزْوَاجِ قَوْلًا وَاحِدًا. وَلَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَ الْبَعْضِ بِدُخُولِهِنَّ فِي الْآلِ يَسْتَلْزِمُ تَحْرِيمَ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِنَّ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ.
وَفِي الْحَدِيثَيْنِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْأَكْلُ مِنْهَا بَعْدَ مَصِيرِهَا إلَى الْمَصْرِفِ وَانْتِقَالِهَا عَنْهُ بِهِبَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute