للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦١١ - (وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي كَيْمَا تُصِيبَ مِنْهَا، قَالَ: لَا، حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْأَلُهُ، وَانْطَلَقَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا، وَإِنَّ مَوَالِيَ الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ)

ــ

[نيل الأوطار]

أَوْ غَيْرَهُ، فَلَا يَتَّفِقُ مِنْ الْمَعَاذِيرِ عَنْ هَذَا الْمُحْرِمِ الْمَعْلُومِ إلَّا مَا صَحَّ عَنْ الشَّارِعِ لَا مَا لَفَّقَهُ الْوَاقِعُونَ فِي هَذِهِ الْوَرْطَةِ مِنْ الْأَعْذَارِ الْوَاهِيَةِ الَّتِي لَا تَخْلُصُ وَلَا مَا لَمْ يَصِحَّ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِي التَّخْصِيصِ، وَلِكَثْرَةِ أَكْلَةِ الزَّكَاةِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ فِي بِلَادِ الْيَمَنِ خُصُوصًا أَرْبَابَ الرِّيَاسَةِ، قَامَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ فِي الذَّبِّ عَنْهُمْ وَتَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَقَامًا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ وَلَا نُقَّادُ الْعُلَمَاءِ، فَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ رِسَالَةً هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ كَالسَّرَابِ الَّذِي يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إذَا جَاءَ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَصَارَ يَتَسَلَّى بِهَا فِي أَرْبَابِ النَّبَاهَةِ مِنْهُمْ. وَقَدْ يَتَعَلَّلُ بَعْضُهُمْ بِمَا قَالَهُ الْبَعْضُ مِنْهُمْ: إنَّ أَرْضَ الْيَمَنِ خَرَاجِيَّةٌ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مَعَ كَوْنِهَا مِنْ أَبْطَلْ الْبَاطِلَاتِ لَيْسَتْ مِمَّا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى أُصُولِهِمْ - فَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ - مَا أَسْرَعَ النَّاسُ إلَى مُتَابَعَةِ الْهَوَى وَإِنْ خَالَفَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: «لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» عَدَمُ حِلِّ صَدَقَةِ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ، وَقَدْ نَقَلَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْخَطَّابِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قَدْ حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي التَّطَوُّعِ قَوْلًا. وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ. وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: لَيْسَ مَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ بِوَاضِحِ الدَّلَالَةِ.

وَأَمَّا آلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمُصَحَّحُ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَكَثِيرُ مِنْ الزَّيْدِيَّةِ: إنَّهَا تَجُوزُ لَهُمْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ دُونَ الْفَرْضِ، قَالُوا: لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِمْ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ وَذَلِكَ هُوَ الزَّكَاةُ لَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ خَصَّصَ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالْوَقْفِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَأَبُو الْعَبَّاسِ: إنَّهَا تُحَرَّمُ عَلَيْهِمْ كَصَدَقَةِ الْفَرْضِ لِأَنَّ الدَّلِيلَ لَمْ يَفْصِلْ.

١٦١١ - (وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي كَيْمَا تُصِيبَ مِنْهَا، قَالَ: لَا، حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْأَلُهُ، وَانْطَلَقَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا، وَإِنَّ مَوَالِيَ الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَاهُ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ قَوْلُهُ: (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) بِضَمِّ الْفَاءِ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ " مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ " أَيْ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِمْ. الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْرِيمِهَا عَلَى آلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. وَيَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى مَوَالِي آلِ بَنِي هَاشِمٍ، وَلَوْ كَانَ الْأَخْذُ عَلَى جِهَةِ الْعِمَالَةِ وَقَدْ سَلَفَ مَا فِيهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَرَّمَ عَلَى مَوَالِيهِ مِنْ الصَّدَقَةِ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>