للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

الْإِسْلَامِ مَا عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ: " عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ". وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ عَلَى وُجُوبِ إخْرَاجِهَا عَنْ الْعَبْدِ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَاوِيَ الْحَدِيثِ كَانَ يُخْرِجُ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ وَهُوَ أَعْرَفُ بِمُرَادِ الْحَدِيثِ. وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ عَنْهُمْ تَطَوُّعًا وَلَا مَانِعَ فِيهِ. وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَهْلَ الْبَادِيَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَاللَّيْثُ: إنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَخْتَصُّ بِالْحَاضِرَةِ وَلَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ قَوْلُهُ: (أَعْوَزَ التَّمْرُ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ: أَيْ احْتَاجَ، يُقَالُ: أَعْوَزَنِي الشَّيْءُ: إذَا احْتَجْتُ إلَيْهِ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّمْرَ أَفْضَلُ مَا يُخْرَجُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَوْلُهُ: (بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْجِيلِ الْفِطْرَةِ قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ. وَقَدْ جَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، وَجَوَّزَهُ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو الْعَبَّاسِ وَأَبُو طَالِبٍ وَلَوْ إلَى عَامَيْنِ عَنْ الْبَدَنِ الْمَوْجُودِ

وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا إلَّا مَا يُغْتَفَرُ كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالنَّاصِرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: لَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ مُطْلَقًا كَالصَّلَاةِ قَبْلَ الْوَقْتِ. وَأَجَابَ عَنْهُمْ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ رَدَّهَا إلَى الزَّكَاةِ أَقْرَبُ. وَحَكَى الْإِمَامُ يَحْيَى إجْمَاعَ السَّلَفِ عَلَى جَوَازِ التَّعْجِيلِ قَوْلُهُ: (صَاعًا مِنْ طَعَامٍ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الطَّعَامِ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ. وَقَدْ حَكَى الْخَطَّابِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ هُنَا الْحِنْطَةُ، وَأَنَّهُ اسْمٌ خَاصٌّ لَهُ، قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: قَدْ كَانَتْ لَفْظَةُ الطَّعَامِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْحِنْطَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ حَتَّى إذَا قِيلَ: اذْهَبْ إلَى سُوقِ الطَّعَامِ، فُهِمَ مِنْهُ سُوقُ الْقَمْحِ، وَإِذَا عَقَبَ الْعُرْفُ نَزَلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ كَانَ خُطُورُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَغْلَبَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ: ظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: " صَاعًا مِنْ طَعَامٍ " حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ: صَاعٌ مِنْ حِنْطَةٍ، وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَجْمَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ فَسَّرَهُ، ثُمَّ أَوْرَدَ طَرِيقَ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: " كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ " قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَكَانَ طَعَامُنَا الشَّعِيرَ وَالزَّبِيبَ وَالْأَقِطَ وَالتَّمْرَ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَالَ: وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ نَحْوَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ قَالَ لَمَّا ذَكَرُوا عِنْدَهُ صَدَقَةَ رَمَضَانَ: " لَا أُخْرِجُ إلَّا مَا كُنْتُ أُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعَ تَمْرٍ أَوْ صَاعَ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعَ شَعِيرٍ أَوْ صَاعَ أَقِطٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ؟ فَقَالَ: لَا، تِلْكَ قِيمَةُ مُعَاوِيَةَ لَا أَقْبَلُهَا وَلَا أَعْمَلُ بِهَا " قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: ذِكْرُ الْحِنْطَةِ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَلَا أَدْرِي مِمَّنْ الْوَهْمُ؟ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَطَأٌ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ. . . إلَخْ) إذْ لَوْ كَانَ أَبُو سَعِيدٍ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَ مِنْهَا صَاعًا لَمَا قَالَ الرَّجُلُ " أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ " وَقَدْ أَشَارَ أَيْضًا أَبُو دَاوُد إلَى أَنَّ ذِكْرَ الْحِنْطَةِ فِيهِ غَيْرُ مَحْفُوظٍ. قَوْلُهُ: (حَتَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>