للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَائِشَةُ إنَّمَا مَنْزِلَةُ مَنْ صَامَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ أَوْ فِي التَّطَوُّعِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَةَ مَالِهِ فَجَادَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَأَمْضَاهُ، وَبَخِلَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَأَمْسَكَهُ» قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: عِنْدَكُمْ طَعَامٌ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ يَوْمِي هَذَا. قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) . .

ــ

[نيل الأوطار]

عَائِشَةُ إنَّمَا مَنْزِلَةُ مَنْ صَامَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ أَوْ فِي التَّطَوُّعِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَةَ مَالِهِ فَجَادَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَأَمْضَاهُ، وَبَخِلَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَأَمْسَكَهُ» قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: عِنْدَكُمْ طَعَامٌ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ يَوْمِي هَذَا. قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) .

الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَخْرَجَهَا أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ.

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدْخُلُ عَلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ غَدَاءٍ فَإِنْ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ» وَلَهُ أَلْفَاظٌ عِنْدَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظِ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِينَا فَيَقُولُ: هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ؟ فَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، تَغَدَّى، وَإِنْ قُلْنَا: لَا، قَالَ: إنِّي صَائِمٌ، وَإِنَّهُ أَتَانَا ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ» الْحَدِيثَ قَوْلُهُ: (حَيْسٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ: هُوَ طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنْ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ وَقَدْ يُجْعَلُ عِوَضَ الْأَقِطِ الدَّقِيقُ وَالْفَتِيتُ، قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ.

وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا يَجِبُ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَهُمْ الْجُمْهُورُ كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَانَ نَوَى الصَّوْمَ مِنْ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْفِطْرَ لَمَّا ضَعُفَ عَنْ الصَّوْمِ وَهُوَ مُحْتَمَلُ لَا سِيَّمَا عَلَى رِوَايَةِ: " فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا " وَلَوْ سَلِمَ عَدَمُ الِاحْتِمَالِ كَانَ غَايَتُهُ تَخْصِيصَ صَوْمِ التَّطَوُّعِ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ: " فَلَا صِيَامَ لَهُ " قَوْلُهُ: (إنَّمَا مَثَلُ صَوْمِ الْمُتَطَوِّعِ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُتَطَوِّعِ بِالصَّوْمِ أَنْ يُفْطِرَ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الصَّوْمِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ بِالْإِجْمَاعِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِي التَّطَوُّعِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَكْحُولٌ وَالنَّخَعِيِّ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُتَطَوِّعِ الْإِفْطَارُ وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إذَا فَعَلَ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: " وَأَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ " وَلَكِنَّهُمَا قَالَا: هَذِهِ الزِّيَادَةُ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ. قَوْلُهُ: (كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ) هَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ قَوْلُهُ: (وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ) . وَأَمَّا أَثَرُ أَبِي طَلْحَةَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. وَأَمَّا أَثَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ. وَأَمَّا أَثَرُ حُذَيْفَةَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>