مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَرَّ آخَرُ قَدْ خَضَّبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، فَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا فَمَرَّ آخَرُ، وَقَدْ خَضَّبَ بِالصُّفْرَةِ، فَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ) .
١٤٥ - (وَعَنْ أَبِي رَمْثَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ كَانَ شَعْرُهُ يَبْلُغُ كَتِفَيْهِ أَوْ مَنْكِبَيْهِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبِي دَاوُد «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِي وَلَهُ لِمَّةٌ بِهَا رَدْعٌ مِنْ حِنَّاءٍ.» رَدْعٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ لَطْخٌ يُقَالُ بِهِ رَدْعٌ مِنْ دَمٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ) .
بَابُ جَوَازِ اتِّخَاذِ الشَّعْرِ وَإِكْرَامِهِ وَاسْتِحْبَابِ تَقْصِيرِهِ
١٤٦ - (عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوْقَ الْوَفْرَةِ وَدُونَ الْجُمَّةِ.» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ)
ــ
[نيل الأوطار]
مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَرَّ آخَرُ قَدْ خَضَّبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، فَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا فَمَرَّ آخَرُ، وَقَدْ خَضَّبَ بِالصُّفْرَةِ، فَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ) . فِي إسْنَادِهِ حُمَيْدٍ بْنُ وَهْبٍ الْقُرَشِيُّ الْكُوفِيُّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْكُوفِيُّ وَكَانَ مِمَّنْ يُخْطِئُ حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَدِّ التَّعْدِيلِ، وَلَمْ يَغْلِبْ خَطَؤُهُ صَوَابَهُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ التَّرْكَ وَهُوَ مِمَّنْ يَحْتَجْ بِهِ إلَّا بِمَا انْفَرَدَ كَذَا قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى حُسْنِ الْخَضْبِ بِالْحِنَّاءِ عَلَى انْفِرَادِهِ، فَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ الْكَتَمُ كَانَ أَحْسَنَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَضْبَ بِالصُّفْرَةِ أَحَبُّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْسَنُ فِي عَيْنِهِ مِنْ الْحِنَّاءِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَمَعَ الْكَتَمِ. وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَضَّبَ بِالصُّفْرَةِ» وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ.
١٤٥ - (وَعَنْ أَبِي رَمْثَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ كَانَ شَعْرُهُ يَبْلُغُ كَتِفَيْهِ أَوْ مَنْكِبَيْهِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبِي دَاوُد «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِي وَلَهُ لِمَّةٌ بِهَا رَدْعٌ مِنْ حِنَّاءٍ.» رَدْعٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ لَطْخٌ يُقَالُ بِهِ رَدْعٌ مِنْ دَمٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ) . وَفِي لَفْظٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَمْثَةَ «أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ ابْنٍ لِي فَقَالَ: ابْنُكَ؟ قُلْت: نَعَمْ. أَشْهَدُ بِهِ، فَقَالَ: لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْك قَالَ: وَرَأَيْت الشَّيْبَ أَحْمَرَ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَفْسَرَهُ، لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَبْلُغْ الشَّيْبَ. قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ «قِيلَ لِجَابِرِ بْنِ سُمْرَةَ: أَكَانَ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْبٌ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِي رَأْسِهِ شَيْبٌ إلَّا شَعَرَاتٍ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ إذَا ادُّهِنَّ وَارَاهُنَّ الدُّهْنُ» . قَالَ أَنَسٌ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ دُهْنَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ» .
قَوْلُهُ: (لِمَّةٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ هِيَ الشَّعْرُ الْمُجَاوِزُ شَحْمَةَ الْأُذُنِ كَذَا فِي الْقَامُوسِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ «وَكَانَ يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ لَطَّخَ لِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ» . قَوْلُهُ: (رَدْعٌ) هُوَ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute