للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٨٥ - (وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ، وَلَا الْعُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ، فَقَالَ: حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

عِنْدَ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهَا لَا تَجِبُ إلَّا مَرَّةً إلَّا أَنْ يُنْذِرَ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ بِشَرْطِهِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي وَقْتِ ابْتِدَاءِ افْتِرَاضِ الْحَجِّ، فَقِيلَ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ شَاذٌّ

وَقِيلَ بَعْدَهَا ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي سُنَّتِهِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا سَنَةُ سِتٍّ لِأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِتْمَامِ ابْتِدَاءُ الْفَرْضِ، وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ عَلْقَمَةَ وَمَسْرُوقٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ بِلَفْظِ: " وَأُقِيمُوا " أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْهُمْ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْإِتْمَامِ الْإِكْمَالُ بَعْدَ الشُّرُوعِ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ فَرْضِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَدْ وَقَعَ فِي قِصَّةِ ضِمَامٍ ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْحَجِّ، وَكَانَ قُدُومُهُ عَلَى مَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ

وَهَذَا يَدُلُّ إنْ ثَبَتَ عَنْهُ تَقَدُّمُهُ عَلَى سَنَةِ خَمْسٍ أَوْ وُقُوعُهُ فِيهَا، وَقِيلَ: سَنَةُ تِسْعٍ، حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ؛ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْهَدْيِ أَنَّ افْتِرَاضَ الْحَجِّ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ. وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةِ فَلْتُؤْخَذْ مِنْهُ قَوْلُهُ: (لَوْ قُلْتَهَا لَوَجَبَتْ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفَوَّضٌ فِي شَرْعِ الْأَحْكَامِ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ مَبْسُوطٌ فِي الْأُصُولِ

١٧٨٥ - (وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ، وَلَا الْعُمْرَةَ، وَلَا الظَّعْنَ، فَقَالَ: حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ) . الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ حَجِّ الْوَلَدِ عَنْ أَبِيهِ الْعَاجِزِ عَنْ الْمَشْيِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَعْضُوبِ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى فِي هَذَا الْبَابِ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ فِي إيجَابِ الْعُمْرَةِ حَدِيثًا أَجْوَدَ مِنْ هَذَا وَلَا أَصَحَّ مِنْهُ انْتَهَى. وَقَدْ جَزَمَ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْمُزَنِيِّ وَالنَّاصِرُ وَالْمَشْهُورُ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالْهَادَوِيَّةِ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْجَامِعِ الْكَافِي الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَزَيْنِ الْعَابِدِينَ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ. وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ بِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا

<<  <  ج: ص:  >  >>