للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ فَقَالَ: لَا، وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ وَفِي رِوَايَةٍ أَوْلَى لَك.» وَأُجِيبَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ الْحَجَّاجَ بْنَ أَرْطَاةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَتَصْحِيحُ التِّرْمِذِيِّ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى تَضْعِيفِ الْحَجَّاجِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مُدَلِّسٌ قَالَ النَّوَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُغْتَرَّ بِالتِّرْمِذِيِّ فِي تَصْحِيحِهِ، فَقَدْ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى تَضْعِيفِهِ انْتَهَى. عَلَى أَنَّ تَصْحِيحَ التِّرْمِذِيِّ لَهُ إنَّمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ فَقَطْ، وَقَدْ نَبَّهَ صَاحِبُ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَلَى قَوْلِهِ حَسَنٌ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ إلَّا فِي رِوَايَةِ الكرخي. وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّهُ مَكْذُوبٌ بَاطِلٌ، وَهُوَ إفْرَاطٌ لِأَنَّ الْحَجَّاجَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَلَيْسَ مُتَّهَمًا بِالْوَضْعِ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِنَحْوِهِ. وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عِصْمَةَ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَأَبُو عِصْمَةَ قَدْ كَذَّبُوهُ

وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْنِ حَزْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، كَمَا قَالَ الْحَافِظُ. وَعَنْ طَلْحَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَبِهَذَا تَعْرِفُ أَنَّ الْحَدِيثَ مِنْ قِسْمِ الْحَسَنِ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ مُحْتَجٌّ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ مَشَى إلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَحَجَّةٍ، وَمَنْ مَشَى إلَى صَلَاةِ تَطَوُّعٍ فَأَجْرُهُ كَعُمْرَةٍ» وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ بِمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِلَفْظِ: «الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ» وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلَ بْنَ مُسْلِمٍ الْمَكِّيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا انْقِطَاعٌ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى زَيْدٍ قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ أَصَحُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ جَابِرٍ، وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ فِي سُؤَالِ جِبْرِيلَ، وَفِيهِ: " وَأَنْ تَحُجَّ وَتَعْتَمِرَ " أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ: «قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ.: عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» وَسَيَأْتِي. وَالْحَقُّ عَدَمُ وُجُوبِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ الْأَصْلِيَّةَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَّا بِدَلِيلٍ يَثْبُتُ بِهِ التَّكْلِيفُ، وَلَا دَلِيلَ يَصْلُحُ لِذَلِكَ لَا سِيَّمَا مَعَ اعْتِضَادِهَا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ اقْتِصَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْحَجِّ فِي حَدِيثِ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَاقْتِصَارُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ عَلَى الْحَجِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] وَقَدْ اُسْتُدِلَّ عَلَى الْوُجُوبِ بِحَدِيثِ عُمَرَ الْآتِي قَرِيبًا وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] فَلَفْظُ التَّمَامِ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَهْلُ السُّنَنِ وَأَحْمَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>