للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

عَكْسُهُ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَالتَّمَتُّعُ هُوَ الِاعْتِمَارُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ التَّحَلُّلُ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ وَالْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَيُطْلَقُ التَّمَتُّعُ فِي عُرْفِ السَّلَفِ عَلَى الْقِرَانِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَمِنْ التَّمَتُّعِ أَيْضًا الْقِرَانُ، وَمِنْ التَّمَتُّعِ أَيْضًا فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ انْتَهَى. وَقَدْ حَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، وَتَأَوَّلَ مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ التَّمَتُّعِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ قَوْلُهُ: ( «وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجِّ» ) احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: كَانَ حَجُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُفْرَدًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إهْلَالِهِ بِالْحَجِّ أَنْ لَا يَكُونَ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ فِي حَجِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ كَانَ قُرَانَا أَوْ تَمَتُّعًا أَوْ إفْرَادًا، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ؛ فَرُوِيَ أَنَّهُ حَجَّ قِرَانًا مِنْ جِهَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. وَعَنْهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعَائِشَةَ عِنْدَهُمَا أَيْضًا. وَعَنْهَا عِنْدَ أَبِي دَاوُد. وَعَنْهَا عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَجَابِرٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَسَيَأْتِي وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَسَيَأْتِي، وَعَلِيٌّ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَعَنْهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَسَيَأْتِي وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبُو قَتَادَةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَلَهُ طُرُقٌ صَحِيحَةٌ. وَسُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَسَيَأْتِي، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَأَبُو طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ، وَفِي إسْنَادِهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَالْهِرْمَاسُ بْنُ زِيَادٍ الْبَاهِلِيُّ عِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا وَابْنُ أَبِي أَوْفَى عِنْدَ الْبَزَّارِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَأَبُو سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ. وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ. وَأُمُّ سَلَمَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا. وَحَفْصَةُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ وَأَنَسٌ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَسَيَأْتِي.

وَأَمَّا حَجُّهُ تَمَتُّعًا فَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَسَيَأْتِي، وَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ كَمَا فِي الْبَابِ. وَابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ كَمَا فِي الْبَابِ أَيْضًا وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ كَمَا سَيَأْتِي.

وَأَمَّا حَجُّهُ إفْرَادًا فَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ. وَعَنْهَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ كَمَا سَيَأْتِي. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا وَابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَجَابِرٌ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَعَنْهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْظَارُ وَاضْطَرَبَتْ الْأَقْوَالُ لِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، فَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ كَالْخَطَّابِيِّ فَقَالَ: إنَّ كُلًّا أَضَافَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَمَرَ بِهِ اتِّسَاعًا، ثُمَّ رَجَّحَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ الْحَجَّ، وَكَذَا قَالَ عِيَاضٌ وَزَادَ فَقَالَ: وَأَمَّا إحْرَامُهُ فَقَدْ تَظَافَرَتْ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ بِأَنَّهُ كَانَ مُفْرَدًا. وَأَمَّا رِوَايَاتُ مَنْ رَوَى التَّمَتُّعَ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ " وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ " فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَلَّلْ. وَأَمَّا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى الْقِرَانَ فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ آخِرِ أَحْوَالِهِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ لَمَّا جَاءَ إلَى الْوَادِي، وَقِيلَ: قُلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>