للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٦٩ - (وَعَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا نَرَى إلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ: فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَذَكَرَتْ قِصَّتَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا سَنَدَ لَهُ وَلَا مَتْنَ. أَمَّا سَنَدُهُ فَمِمَّا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَأَمَّا مَتْنُهُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتْعَةِ فِيهِ مُتْعَةُ النِّسَاءِ. ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ مُتْعَةَ الْحَجِّ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ وَبِقَوْلِ عُمَرَ: لَوْ حَجَجْتُ لَتَمَتَّعْتُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ. وَبِقَوْلِ عُمَرَ لَمَّا سُئِلَ " هَلْ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ؟ فَقَالَ: لَا، أَبَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ؟ " أَخْرَجَهُ عَنْهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " بَلْ لِلْأَبَدِ " فَإِنَّهُ قَطْعٌ لِتَوَهُّمِ وُرُودِ النَّسْخِ عَلَيْهَا. وَاسْتَدَلَّ عَلَى النَّسْخِ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد: «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَشَهِدَ عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ يَنْهَى عَنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ» وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيِّ: فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ مَقَالٌ، وَقَدْ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ مَوْتِهِ "

وَجَوَّزَ ذَلِكَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا انْتَهَى.

إذَا تَقَرَّرَ لَكَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ عَامَّةٌ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ بَقِيَّةُ مُتَمَسِّكَاتِ الطَّائِفَتَيْنِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ الْفَسْخُ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ أَوْ الْجَوَازِ؟ فَمَالَ بَعْضٌ إلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ الْبَرَاءِ الْآتِيَ وَغَضَبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا لَمْ يَفْعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ الْفَسْخِ وَنَحْنُ نُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْنَا أَنَّا لَوْ أَحْرَمْنَا بِحَجٍّ لَرَأَيْنَا فَرْضًا عَلَيْنَا فَسْخَهُ إلَى عُمْرَةٍ تَفَادِيًا مِنْ غَضَبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاتِّبَاعًا لِأَمْرِهِ. فَوَاَللَّهِ مَا نُسِخَ هَذَا فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَعْدَهُ وَلَا صَحَّ حَرْفٌ وَاحِدٌ يُعَارِضُهُ وَلَا خَصَّ بِهِ أَصْحَابَهُ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ، بَلْ أَجْرَى اللَّهُ عَلَى لِسَانِ سُرَاقَةَ أَنْ سَأَلَهُ هَلْ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ لَهُمْ؟ فَأَجَابَهُ بِأَنَّ ذَاكَ كَائِنٌ لِأَبَدِ الْأَبَدِ، فَمَا نَدْرِي مَا يُقَدَّمُ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَهَذَا الْأَمْرِ الْمُؤَكَّدِ الَّذِي غَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ خَالَفَهُ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوُجُوبَ رَأْيُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ: إنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ يُصَيِّرُهُ إلَى عُمْرَةٍ شَاءَ أَمْ أَبَى

١ -

١٨٦٩ - (وَعَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا نَرَى إلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ: فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحِضْتُ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَذَكَرَتْ قِصَّتَهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

١٨٧٠ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرَ، وَيَقُولُونَ: إذَا بَرَا الدَّبَرْ، وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>