. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
النَّوَوِيُّ أَيْ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَرْنَانِ حَسَنَانِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّضْحِيَةِ بِالْأَمْلَحِ الْأَقْرَنِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّضْحِيَةِ بِالْأَجَمِّ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَخْلُقْ اللَّهُ لَهُ قَرْنَيْنِ وَأَمَّا الْمَكْسُورُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ وَعَنْ أَتْبَاعِهِ وَأَهْلِهِ وَيُشْرِكَهُمْ مَعَهُ فِي الثَّوَابِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ.
وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَدِيثَانِ يَرُدَّانِ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ «أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الِاجْتِزَاءِ بِالشَّاءِ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِحَدِيثَيْ الْبَابِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُمَا مَنْ قَالَ: إنَّ الْأُضْحِيَّةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ بَلْ سُنَّةٌ وَهُمْ الْجُمْهُورُ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَبِلَالٌ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَعَطَاءُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيِّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَدَاوُد وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى.
وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَمَّنْ ذُكِرَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ الْعِتْرَةِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ رَبِيعَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَاللَّيْثُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُوسِرِ وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ النَّخَعِيّ: وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُوسِرِ إلَّا الْحَاجَّ بِمِنًى وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُقِيمِ بِالْأَمْصَارِ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا نُوجِبُهَا عَلَى مُقِيمٍ يَمْلِكُ نِصَابًا كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَصَحَّ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَنْ الْجُمْهُورِ وَلَا خِلَافَ فِي كَوْنِهَا مِنْ شَرَائِعِ الدِّينِ وَوَجْهُ دَلَالَةِ الْحَدِيثَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَضْحِيَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أُمَّتِهِ وَعَنْ أَهْلِهِ تُجْزِئُ كُلَّ مَنْ لَمْ يُضَحِّ سَوَاءٌ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْأُضْحِيَّةِ أَوْ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ حَدِيثَ «عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ أُضْحِيَّةٌ»
وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْفَرْعِ وَالْعَتِيرَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ يَجِدُونَهَا فَيَكُونُ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ تَضْحِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ غَيْرِ الْوَاجِدِينَ مِنْ أُمَّتِهِ وَلَوْ سَلِمَ الظُّهُورُ الْمُدَّعَى فَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ مَنْ لَمْ يُضَحِّ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا ضَحَّى عَنْهُ غَيْرُهُ فَلَا يَكُونُ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ كَانَ فِي عَصْرِهِ مِنْ الْأُمَّةِ مُسْتَلْزِمًا لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ كَانَ فِي غَيْرِ عَصْرِهِ مِنْهُمْ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ عَنْ جَمِيعِ الْأُمَّةِ قُلْنَا: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى خَارِجَةٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ سَيَأْتِي بَيَانُهَا وَمِنْ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «أُمِرْت بِرَكْعَتَيْ الضُّحَى وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِهَا وَأُمِرْت بِالْأَضْحَى وَلَمْ تُكْتَبْ عَلَيْكُمْ» . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَزَّارُ وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْحَاكِمُ عَنْهُ بِلَفْظِ: «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute