كِتَابُ الْبُيُوعِ
أَبْوَابُ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ
بَابُ مَا جَاءَ فِي بَيْعِ النَّجَاسَةِ وَآلَةِ الْمَعْصِيَةِ وَمَا نَفَعَ فِيهِ
ــ
[نيل الأوطار]
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَتْنُهُ مَتْنُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَهُوَ شَاهِدٌ لِصِحَّتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ، بَلْ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الْآخَرَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْعَتِيرَةِ: هِيَ حَقٌّ» وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مَكَانَ قَوْلِهِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ. قَوْلُهُ: (لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ) قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ النَّكِرَةَ الْوَاقِعَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ فَيُشْعِرُ ذَلِكَ بِنَفْيِ كُلِّ فَرَعٍ وَكُلِّ عَتِيرَةٍ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ. وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لَا عُمُومَ لَهُ فَيُقَدَّرُ وَاحِدٌ وَهُوَ أَلْصَقُهَا بِالْمَقَامِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَحْذُوفَ هُوَ لَفْظُ وَاجِبٍ وَوَاجِبَةٍ، وَلَكِنْ إنَّمَا حَسُنَ الْمَصِيرُ إلَى أَنَّ الْمَحْذُوفَ هُوَ ذَلِكَ الْحِرْصُ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيرَ " ثَابِتٌ فِي الْإِسْلَامِ " أَوْ " مَشْرُوعٌ " أَوْ " حَلَالٌ " كَمَا يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثَيْ الْبَابِ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْفَرَعَ وَالْعَتِيرَةَ مَنْسُوخَانِ، وَهُمْ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ النَّسْخَ لَا يَتِمُّ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ تَأَخُّرِ تَارِيخِ مَا قِيلَ: إنَّهُ نَاسِخٌ، فَأَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا سَلَفَ. وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ النَّهْيِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى النَّهْيِ الْحَقِيقِيِّ وَإِنْ كَانَ هُوَ التَّحْرِيمَ لَكِنْ إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ أَخْرَجَتْهُ عَنْ ذَلِكَ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ النَّهْيُ مُوَجَّهًا إلَى مَا كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِأَصْنَامِهِمْ فَيَكُونُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَيَكُونُ غَيْرَ مُتَنَاوِلٍ لِمَا ذُبِحَ مِنْ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ وَجْهُ قُرْبَةٍ. وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ الْمَذْكُورِ نَفْيُ مُسَاوَاتِهِمَا لِلْأُضْحِيَّةِ فِي الثَّوَابِ أَوْ تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ وَقَدْ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ: اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ» كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ نُبَيْشَةَ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الذَّبْحِ فِي كُلِّ شَهْرٍ إنْ أَمْكَنَ. قَالَ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ: إنَّهَا إنْ تَيَسَّرَتْ كُلَّ شَهْرٍ كَانَ حَسَنًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute