. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
وَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ - وَفِي لَفْظٍ: «حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ مَكَانِهِمَا» .
٢٢٣٦ - (وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «بِعْتُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ مَالًا بِالْوَادِي بِمَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا تَبَايَعْنَا رَجَعْتُ عَلَى عَقِبِي حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْتِهِ خَشْيَةَ أَنْ يُرَادَّنِي الْبَيْعَ، وَكَانَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا تُشْتَرَطُ، بَلْ تَكْفِي الصِّفَةُ أَوْ الرُّؤْيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ) .
حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ «أَنَّ رَجُلًا بَاعَ فَرَسًا بِغُلَامٍ ثُمَّ أَقَامَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا، يَعْنِي: الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ، فَلَمَّا أَصْبَحَا مِنْ الْغَدِ حَضَرَ الرَّحِيلُ فَقَامَ الرَّجُلُ إلَى فَرَسِهِ يُسْرِجُهُ فَنَدِمَ فَأَتَى الرَّجُلَ وَأَخَذَهُ بِالْبَيْعِ، فَأَبَى الرَّجُلُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَبُو بَرْزَةَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَيَا أَبَا بَرْزَةَ، فَقَالَ: أَتَرْضَيَانِ أَنْ أَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا» زَادَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَرَاكُمَا افْتَرَقْتُمَا» .
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ سَمُرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيّ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ، وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ.
قَوْلُهُ: (صَفْقَةُ خِيَارٍ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ " كَانَ " تَامَّةٌ، وَ " صَفْقَةُ " فَاعِلُهَا، وَالتَّقْدِيرُ: إلَّا أَنْ تُوجَدَ أَوْ تَحْدُثَ صَفْقَةُ خِيَارٍ، وَالنَّصْبُ عَلَى أَنَّ كَانَ نَاقِصَةٌ وَاسْمُهَا مُضْمَرٌ وَ " صَفْقَةُ " خَبَرٌ، وَالتَّقْدِيرُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ الصَّفْقَةُ صَفْقَةَ خِيَارٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ إمْضَاءَ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخَهُ، فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا، تَمَّ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ، قَالُوا: لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ إلَّا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِقَالَةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، وَمَعْنَاهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ خَشْيَةَ أَنْ يَخْتَارَ فَسْخَ الْبَيْعِ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقَالَةِ فَسْخُ النَّادِمِ مِنْهُمَا لِلْبَيْعِ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالُوا: وَلَوْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِالْكَلَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الِاسْتِقَالَةِ لَمْ تَمْنَعْهُ مِنْ الْمُفَارَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ.
وَقَدْ أَثْبَتَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ الْخِيَارَ وَمَدَّهُ إلَى غَايَةِ التَّفَرُّقِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ الْخِيَارُ لَهُ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute