للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

الْعُرْفِ تَفَرُّقًا حُكِمَ بِهِ وَمَا لَا فَلَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا) أَيْ: صَدَقَ الْبَائِعُ فِي إخْبَارِ الْمُشْتَرِي وَبَيَّنَ الْعَيْبَ إنْ كَانَ فِي السِّلْعَةِ وَصَدَقَ الْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَبَيَّنَ الْعَيْبَ إنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصِّدْقُ وَالْبَيَانُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَذِكْرُ أَحَدِهِمَا تَأْكِيدٌ لِلْآخَرِ قَوْلُهُ: (مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ شُؤْمَ التَّدْلِيسِ وَالْكَذِبِ وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ فَمَحَقَ بَرَكَتَهُ.

وَإِنْ كَانَ مَأْجُورًا وَالْكَاذِبُ مَأْزُورًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ التَّدْلِيسُ بِالْعَيْبِ دُونَ الْآخَرِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ. قَوْلُهُ: (أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ) وَرُبَّمَا قَالَ: أَوْ يَكُونُ بَيْعَ الْخِيَارِ، قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ امْتِدَادِ الْخِيَارِ إلَى التَّفَرُّقِ، وَالْمُرَادُ: أَنَّهُمَا إنْ اخْتَارَا إمْضَاءَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَقَدْ لَزِمَ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ وَبَطَلَ اعْتِبَارُ التَّفَرُّقِ، فَالتَّقْدِيرُ: إلَّا الْبَيْعَ الَّذِي جَرَى فِيهِ التَّخَايُرُ، وَقِيلَ: هِيَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ بِالتَّفَرُّقِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ يُخَيِّرْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَيْ: فَيَشْتَرِطُ الْخِيَارَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَا يَنْقَضِي الْخِيَارُ بِالتَّفَرُّقِ، بَلْ يَبْقَى حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ.

حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ أَقَلُّ فِي الْإِضْمَارِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: " فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ " مُعَيِّنٌ لِلِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، فَإِذَا كَانَ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ فَقَدْ وَجَبَ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ كَانَ عَنْ خِيَارٍ.

فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ عَنْ خِيَارٍ وَجَبَ الْبَيْعُ وَقِيلَ: وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ إثْبَاتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَالْمَعْنَى: أَوْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَيَخْتَارُ عَدَمَ ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فَيَنْتَفِي الْخِيَارُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا أَضْعَفُ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلَّا أَنْ يَتَخَايَرَا وَلَوْ قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَإِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَلَوْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ قَوْلٌ يَجْمَعُ التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ رِوَايَةً لِلْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ: إلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ أَوْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ. إنْ حُمِلَتْ " أَوْ " عَلَى التَّقْسِيمِ لَا عَلَى الشَّكِّ قَوْلُهُ: (أَوْ يُخَيِّرْ) بِإِسْكَانِ الرَّاءِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَيُحْتَمَلُ نَصْبُ الرَّاءِ عَلَى أَنَّ " أَوْ " بِمَعْنَى: إلَّا أَنْ، كَمَا قِيلَ: إنَّهَا كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ

قَوْلُهُ: (قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ) هُوَ مَوْصُولٌ بِإِسْنَادِ الْحَدِيثِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ التَّفَرُّقَ الْمَذْكُورَ بِالْأَبْدَانِ كَمَا تَقَدَّمَ.

٢٢٣٥ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْبَيِّعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>