للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

أَنَّ الْعَرِيَّةَ النَّخْلَةُ لِلرَّجُلِ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ فَيَكْرَهُ صَاحِبُ النَّخْلِ الْكَثِيرِ دُخُولَ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكَ بِخَرْصِ نَخْلَتِكَ تَمْرًا فَيُرَخَّصُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَشَرْطُ الْعَرِيَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ التَّضَرُّرِ مِنْ الْمَالِكِ بِدُخُولِ غَيْرِهِ إلَى حَائِطِهِ، أَوْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْآخَرِ لِقِيَامِ صَاحِبِ النَّخْلِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَحَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ إنَّ الْعَرَايَا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلَةِ بِخَرْصِهِ مِنْ التَّمْرِ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ فِي الْحَالِ، وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ التَّمْرُ مُؤَجَّلًا، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَيْ: يَهَبُ لَهُ فِي مَالِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ، فَيَشُقَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا فَيَبِيعَهَا، بِمِثْلِ خَرْصِهَا وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ الْعَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا فَرُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنْ التَّمْرِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: الْعَرِيَّةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلَاتِ لِطَعَامِ أَهْلِهِ رُطَبًا بِخَرْصِهَا تَمْرًا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: كَأَنَّ الشَّافِعِيَّ اعْتَمَدَ فِي تَفْسِيرِ الْعَرِيَّةِ عَلَى قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَهُوَ أَخُو يَحْيَى الْمَذْكُورِ أَنَّهُ قَالَ: الْعَرِيَّةُ الرَّجُلُ يُعْرِي الرَّجُلَ النَّخْلَةَ أَوْ الرَّجُلُ يَسْتَثْنِي مِنْ مَالِهِ النَّخْلَةَ يَأْكُلُهَا فَيَبِيعُهَا تَمْرًا وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ وَكِيعٍ قَالَ: سَمِعْنَا فِي تَفْسِيرِ الْعَرِيَّةِ أَنَّهَا: النَّخْلَةُ يُعْرِيهَا الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ وَيَشْتَرِيهَا فِي بُسْتَانِ الرَّجُلِ، وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَأَعْرَاهُ النَّخْلَةَ وَهَبَهُ ثَمَرَةَ عَامِهَا وَالْعَرِيَّةُ النَّخْلَةُ الْمُعَرَّاةُ، وَاَلَّتِي أُكِلَ مَا عَلَيْهَا.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ النَّخْلَةُ الَّتِي يُعْرِيهَا صَاحِبُهَا رَجُلًا مُحْتَاجًا بِأَنْ يَجْعَلَ لَهُ ثَمَرَهَا عَامًا مِنْ عَرَّاهُ إذَا قَصَدَهُ قَالَ فِي الْفَتْحِ: صُوَرُ الْعَرِيَّةِ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِ النَّخْلِ بِعْنِي ثَمَرَ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ فَيَخْرِصُهَا وَيَبِيعُهَا وَيَقْبِضُ مِنْهُ التَّمْرَ وَيُسَلِّمُ لَهُ النَّخَلَاتِ بِالتَّخْلِيَةِ فَيَنْتَفِعُ بِرُطَبِهَا، وَمِنْهَا: أَنْ يَهَبَ صَاحِبُ الْحَائِطِ لِرَجُلٍ نَخَلَاتٍ أَوْ ثَمَرَ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ حَائِطِهِ ثُمَّ يَتَضَرَّرَ بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَيَخْرِصَهَا وَيَشْتَرِيَ رُطَبَهَا بِقَدْرِ خَرْصِهِ بِثَمَرٍ مُعَجَّلٍ، وَمِنْهَا أَنْ يَهَبَهُ إيَّاهَا فَيَتَضَرَّرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِانْتِظَارِ صَيْرُورَةِ الرُّطَبِ تَمْرًا وَلَا يُحِبُّ أَكْلَهَا رُطَبًا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى التَّمْرِ فَيَبِيعَ ذَلِكَ الرُّطَبَ بِخَرْصِهِ مِنْ الْوَاهِبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِتَمْرٍ يَأْخُذُهُ مُعَجَّلًا.

وَمِنْهَا أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ ثَمَرَ حَائِطِهِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةً يُبْقِيهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِعِيَالِهِ وَهِيَ الَّتِي عُفِيَ لَهُ عَنْ خَرْصِهَا فِي الصَّدَقَةِ وَسُمِّيَتْ عَرَايَا؛ لِأَنَّهَا أُعْرِيَتْ عَنْ أَنْ تُخْرَصَ فِي الصَّدَقَةِ فَرُخِّصَ لِأَهْلِ الْحَاجَةِ الَّذِينَ لَا نَقْدَ لَهُمْ وَعِنْدَهُمْ فُضُولٌ مِنْ تَمْرِ قُوتِهِمْ أَنْ يَبْتَاعُوا بِذَلِكَ التَّمْرِ مِنْ رُطَبِ تِلْكَ النَّخَلَاتِ بِخَرْصِهَا، وَمِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْعَرِيَّةِ أَنْ يُعْرِيَ رَجُلًا ثَمَرَ نَخَلَاتٍ يُبِيحُ لَهُ أَكْلَهَا وَالتَّصَرُّفَ فِيهَا وَهَذِهِ هِبَةٌ مَحْضَةٌ، وَمِنْهَا: أَنْ يُعْرِيَ عَامِلُ الصَّدَقَةِ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ مِنْ حَائِطِهِ نَخَلَاتٍ مَعْلُومَةً بِخَرْصِهَا فِي الصَّدَقَةِ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنْ الْعَرَايَا

<<  <  ج: ص:  >  >>