للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

يُذْكَرْ سَمَاعُهُ مِنْ عَطَاءَ وَعَطَاءُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَطَاءُ الْخُرَاسَانِيُّ فَيَكُونَ فِيهِ تَدْلِيسُ التَّسْوِيَةِ بِإِسْقَاطِ نَافِعٍ بَيْنَ عَطَاءَ وَابْنِ عُمَرَ انْتَهَى، وَإِنَّمَا قَالَ هَكَذَا؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَطَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ عَطَاءَ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ مَا لَفْظُهُ: فِي إسْنَادِهِ إِسْحَاقُ بْنُ أُسَيْدٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا عَطَاءُ الْخُرَاسَانِيُّ، وَفِيهِ مَقَالٌ انْتَهَى. قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ: إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ مَنَاكِيرِهِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْعِينَةِ مِنْ طُرُقٍ عَقَدَ لَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ بَابًا سَاقَ فِيهِ جَمِيعَ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ عِلَلَهُ، وَقَالَ: رُوِيَ حَدِيثُ الْعِينَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ ضَعِيفَيْنِ عَنْ عَطَاءَ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ يَعْنِي: الْمُتَقَدِّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَهَذِهِ الطُّرُقُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا.

قَوْلُهُ: (بِالْعِينَةِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ يَاءٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ نُونٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْعِينَةُ بِالْكَسْرِ السَّلَفُ وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَعِينَ أَخَذَ بِالْعِينَةِ بِالْكَسْرِ أَيْ: السَّلَفِ، أَوْ أَعْطَى بِهَا قَالَ: وَالتَّاجِرُ بَاعَ سِلْعَتَهُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ اهـ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَبَيْعُ الْعِينَةِ هُوَ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِهِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَيُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بِثَمَنِ نَقْدٍ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ رِسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْمُبَايَعَةُ عِينَةً لِحُصُولِ النَّقْدِ لِصَاحِبِ الْعِينَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ هُوَ الْمَالُ الْحَاضِرُ، وَالْمُشْتَرِي إنَّمَا يَشْتَرِيهَا لِيَبِيعَهَا بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ تَصِلُ إلَيْهِ مِنْ فَوْرِهِ لِيَصِلَ بِهِ إلَى مَقْصُودِهِ اهـ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْعِينَةِ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْهَادَوِيَّةُ وَجَوَّزَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ مُسْتَدِلِّينَ عَلَى الْجَوَازِ بِمَا وَقَعَ مِنْ أَلْفَاظِ الْبَيْعِ الَّتِي لَا يُرَادُ بِهَا حُصُولُ مَضْمُونِهِ، وَطَرَحُوا الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْبَابِ.

وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْقَيِّمِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْعِينَةِ بِمَا رُوِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَسْتَحِلُّونَ الرِّبَا بِالْبَيْعِ» قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَإِنَّهُ صَالِحٌ لِلِاعْتِضَادِ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَهُ مِنْ الْمُسْنَدَاتِ مَا يَشْهَدُ لَهُ، وَهِيَ الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْعِينَةِ، فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعِينَةَ عِنْدَ مَنْ يَسْتَعْمِلُهَا إنَّمَا يُسَمِّيهَا بَيْعًا وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى حَقِيقَةِ الرِّبَا الصَّرِيحِ قَبْلَ الْعَقْدِ ثُمَّ غَيَّرَ اسْمَهَا إلَى الْمُعَامَلَةِ وَصُورَتَهَا إلَى التَّبَايُعِ الَّذِي لَا قَصْدَ لَهُمَا فِيهِ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا هُوَ حِيلَةٌ وَمَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، فَمِنْ أَسْهَلِ الْحِيَلِ عَلَى مَنْ أَرَادَ فِعْلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَثَلًا أَلْفًا إلَّا دِرْهَمًا بِاسْمِ الْقَرْضِ وَيَبِيعَهُ خِرْقَةً تُسَاوِي دِرْهَمًا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَصْلٌ فِي إبْطَالِ الْحِيَلِ فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُعَامِلَهُ مُعَامَلَةً يُعْطِيهِ فِيهَا أَلْفًا بِأَلْفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>