. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
فَتَكُونُ فَضَلَاتُهَا لَهُ
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَغْرُومَ هُوَ مَا كَانَ فِيهَا قَبْلَ الْبَيْعِ لَا الْحَادِثُ وَأَيْضًا حَدِيثُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ بَعْدَ تَسْلِيمِ شُمُولِهِ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ الْبَابِ فَكَيْفَ يَكُونَ نَاسِخًا؟ وَأَيْضًا لَمْ يُنْقَلْ تَأَخُّرُهُ وَالنَّسْخُ لَا يَتِمُّ بِدُونِ ذَلِكَ، ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّارِيخِ جَوَازَ الْمَصِيرِ إلَى التَّعَارُضِ، وَعَدَمَ لُزُومِ بِنَاءِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَكَانَ حَدِيثُ الْبَابِ أَرْجَحَ لِكَوْنِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَلِتَأَيُّدِهِ بِمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَاسِخُهُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي رَفْعِ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ هَكَذَا قَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ وَتَعَقَّبَهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ التَّصْرِيَةَ إنَّمَا وُجِدَتْ مِنْ الْبَائِعِ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْبَابِ لَكَانَتْ الْعُقُوبَةُ لَهُ، وَالْعُقُوبَةُ فِي حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ لِلْمُشْتَرِي فَافْتَرَقَا، وَأَيْضًا عُمُومُ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِمَنْعِ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ عَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهَا مَخْصُوصَةٌ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا الْبَحْثَ فِي التَّأْدِيبِ بِالْمَالِ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَاسِخُهُ حَدِيثُ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا» وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَبِذَلِكَ أَجَابَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الْفُرْقَةَ قَاطِعَةٌ لِلْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُصَرَّاةِ وَغَيْرِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يُثْبِتُونَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ كَمَا سَلَفَ فَكَيْفَ يَحْتَجُّونَ بِالْحَدِيثِ الْمُثْبِتِ لَهُ وَأَيْضًا بَعْدَ تَسْلِيمِ صِحَّةِ احْتِجَاجِهِمْ بِهِ هُوَ مُخَصَّصٌ بِحَدِيثِ الْبَابِ، وَأَيْضًا قَدْ أَثْبَتُوا خِيَارَ الْعَيْبِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَمَا هُوَ جَوَابُهُمْ فَهُوَ جَوَابُنَا. الْعُذْرُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْخَبَرَ مِنْ الْآحَادِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ وَهُوَ لَا يُعْمَلُ بِهِ إذَا خَالَفَ قِيَاسَ الْأُصُولِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ، وَالْقِيَمِيَّ بِقِيمَتِهِ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ، فَكَيْفَ يُضْمَنُ بِالتَّمْرِ عَلَى الْخُصُوصِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّوَقُّفَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِلْأُصُولِ لَا لِقِيَاسِ الْأُصُولِ، وَالْأُصُولُ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ، وَالْأَوَّلَانِ هُمَا الْأَصْلُ، وَالْآخَرَانِ مَرْدُودَانِ إلَيْهِمَا، فَكَيْفَ يُرَدُّ الْأَصْلُ بِالْفَرْعِ؟ وَلَوْ سَلَّمَ أَنَّ الْآحَادِيَّ يَتَوَقَّفُ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي زَعَمُوا فَلَا أَقَلَّ لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ صَلَاحِيَتِهِ تَخْصِيصَ ذَلِكَ الْقِيَاسِ الْمُدَّعَى
وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْعُذْرِ بِأَجْوِبَةٍ غَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَلَكِنَّ أَمْثَلَهَا مَا ذَكَرْنَاهُ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا خَالَفَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثُ الْقِيَاسَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْأُصُولَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ بِقَدْرِ التَّالِفِ وَهُوَ مُخْتَلِفٌ وَقَدْ قُدِّرَ هَاهُنَا بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ الصَّاعُ
وَأُجِيبَ بِمَنْعِ التَّعْمِيمِ فِي جَمِيعِ الْمَضْمُونَاتِ فَإِنَّ الْمُوضِحَةَ أَرْشُهَا مُقَدَّرٌ مَعَ اخْتِلَافِهَا بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ، وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَالْغُرَّةُ مُقَدَّرَةٌ فِي الْجَنِينِ مَعَ اخْتِلَافِهِ وَالْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيرِ الضَّمَانِ هَاهُنَا بِمِقْدَارٍ وَاحِدٍ لِقَطْعِ التَّشَاجُرِ لِمَا كَانَ قَدْ اخْتَلَطَ اللَّبَنُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِاللَّبَنِ الْمَوْجُودِ قَبْلَهُ، فَلَا يُعْرَفُ مِقْدَارُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ الْمُشْتَرِي نَظِيرَهُ وَالْحِكْمَةُ فِي التَّقْدِيرِ بِالتَّمْرِ أَنَّهُ أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ إلَى اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قُوتَهُمْ إذْ ذَاكَ كَالتَّمْرِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا خَالَفَ بِهِ الْحَدِيثُ الْقِيَاسَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ جَعَلَ الْخِيَارَ فِيهِ ثَلَاثًا، مَعَ أَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute