للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَبْلَغَ كَمَا فِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: أَيْ: أَحْسَنُ إيرَادًا لِلْكَلَامِ، وَأَصْلُ اللَّحْنِ: الْمَيْلُ عَنْ جِهَةِ الِاسْتِقَامَةِ، يُقَالُ لَحَنَ فُلَانٌ فِي كَلَامِهِ: إذَا مَالَ عَنْ صَحِيحِ النُّطْقِ وَيُقَالُ لَحَنْتُ لِفُلَانٍ: إذَا قُلْتُ لَهُ قَوْلًا يَفْهَمُهُ وَيَخْفَى عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّوْرِيَةِ مَيْلُ كَلَامِهِ عَنْ الْوَاضِحِ الْمَفْهُومِ قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا أَقْضِي. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يَحْكُمُ بِظَاهِرِ مَا يَسْمَعُ مِنْ الْأَلْفَاظِ مَعَ جَوَازِ كَوْنِ الْبَاطِنِ خِلَافًا وَلَمْ يَتَعَبَّدْ بِالْبَحْثِ عَنْ الْبَوَاطِنِ بِاسْتِعْمَالِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُفْضِي فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ إلَى ذَلِكَ كَأَنْوَاعِ السِّيَاسَةِ وَالْمُدَاهَاةِ قَوْلُهُ: (فَلَا يَأْخُذْهُ) فِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَحِلُّ بِهِ الْحَرَامُ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلُهُ: (قِطْعَةٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ: أَيْ طَائِفَةٌ قَوْلُهُ:

(أُسْطَامًا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: السِّطَامُ بِالْكَسْرِ: الْمِسْعَارُ لِحَدِيدَةٍ مَفْطُوحَةٍ تُحَرَّكُ بِهَا النَّارُ، ثُمَّ قَالَ: وَالْإِسْطَامُ: الْمِسْعَارُ اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُسَعَّرُ بِهَا النَّارُ: أَيْ: يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَامِلًا لَهَا مَعَ أَثْقَالِهِ قَوْلُهُ: (حَقِّي لِأَخِي) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ وَهِبَةِ الْمُدَّعَى قَبْلَ ثُبُوتِهِ وَهِبَةِ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ قَوْلُهُ: (أَمَا إذْ قُلْتُمَا) لَفْظُ أَبِي دَاوُد: «إذْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا فَاقْتَسِمَا» قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: أَمَا بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى حَقًّا وَإِذْ لِلتَّعْلِيلِ قَوْلُهُ: (فَاقْتَسِمَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تُمَلَّكُ بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُمَا بِالِاقْتِسَامِ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ مِنْ الْآخَرِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَوَخَّيَا) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ: اقْصِدَا الْحَقَّ فِيمَا تَصْنَعَانِ مِنْ الْقِسْمَةِ، يُقَالُ تَوَخَّيْتُ الشَّيْءَ أَتَوَخَّاهُ تَوَخِّيًا: إذَا قَصَدْت إلَيْهِ وَتَعَمَّدْت فِعْلَهُ قَوْلُهُ: (ثُمَّ اسْتَهِمَا) أَيْ: لِيَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا مَا تُخْرِجُهُ الْقُرْعَةُ مِنْ الْقِسْمَةِ لِيَتَمَيَّزَ سَهْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا عَنْ الْآخَرِ

وَفِي الْأَمْرِ بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ أَوْ الْمُشَاحَّةِ وَقَدْ وَرَدَتْ الْقُرْعَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَوْله تَعَالَى: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ} [آل عمران: ٤٤] وَالثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: ١٤١] وَجَاءَتْ فِي خَمْسَةِ أَحَادِيثَ مِنْ السُّنَّةِ: الْأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثُ، الثَّانِي: حَدِيثُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ» الثَّالِثُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَعَ فِي سِتَّةٍ مَمْلُوكِينَ» الرَّابِعُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ» الْخَامِسُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ: «إنَّ صَفِيَّةَ جَاءَتْ بِثَوْبَيْنِ لِتُكَفِّنَ فِيهِمَا حَمْزَةَ، فَوَجَدْنَا إلَى جَنْبِهِ قَتِيلًا، فَقُلْنَا: لِحَمْزَةَ ثَوْبٌ وَلِلْأَنْصَارِيِّ ثَوْبٌ، فَوَجَدْنَا أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ أَوْسَعَ مِنْ الْآخَرِ، فَأَقْرَعْنَا عَلَيْهِمَا ثُمَّ كَفَّنَّا كُلَّ وَاحِدٍ فِي الثَّوْبِ الَّذِي خَرَجَ لَهُ» وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَى هَذَا وَقَرَّرَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا هُنَالِكَ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ حَمْزَةَ، وَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ تَعْتَمِدُ الْقُرْعَةَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأُمُورِ كَمَا رُوِيَ:، " أَنَّهُ تَشَاحَّ النَّاسُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فِي الْأَذَانِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ "

قَوْلُهُ: (ثُمَّ لِيُحْلِلْ) . . . إلَخْ، أَيْ: لِيَسْأَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>