٢٣٢٥ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَزَادَ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ)
ــ
[نيل الأوطار]
يَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ مِنْ قِبَلِهِ بِإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ،؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ هَاهُنَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَفِيهِ أَيْضًا صِحَّةُ الصُّلْحِ بِمَعْلُومٍ عَنْ مَجْهُولٍ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ التَّحْلِيلِ وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّاصِرِ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ بِمَعْلُومٍ عَنْ مَجْهُولٍ قَوْلُهُ: (بِرَأْيِي) هَذَا مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ أَهْلُ الْأُصُولِ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ وَأَنَّهُ حُجَّةٌ، وَكَذَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ بَعْثِ مُعَاذٍ الْمَعْرُوفِ
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ، وَفِي إسْنَادِهِ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا قَالَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو دَاوُد: هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْكَذِبِ وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نُسْخَةٌ مَوْضُوعَةٌ، وَتَرَكَهُ أَحْمَدُ وَقَدْ نُوقِشَ التِّرْمِذِيُّ فِي تَصْحِيحِ حَدِيثِهِ قَالَ الذَّهَبِيُّ: أَمَّا التِّرْمِذِيُّ فَرَوَى مِنْ حَدِيثِهِ «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ» وَصَحَّحَهُ، لِهَذَا لَا يَعْتَمِدُ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي إرْشَادِهِ: قَدْ نُوقِشَ أَبُو عِيسَى، يَعْنِي: التِّرْمِذِيَّ فِي تَصْحِيحِهِ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا شَاكَلَهُ انْتَهَى وَاعْتَذَرَ لَهُ الْحَافِظُ فَقَالَ: وَكَأَنَّهُ اُعْتُبِرَ بِكَثْرَةِ طُرُقِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ الْحَاكِمُ: عَلَى شَرْطِهِمَا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَكَذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى عُمَرَ كَتَبَهُ إلَى أَبِي مُوسَى وَقَدْ صَرَّحَ الْحَافِظُ بِأَنَّ إسْنَادَ حَدِيثِ أَنَسٍ وَإِسْنَادَ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَاهِيَانِ وَضَعَّفَ ابْنُ حَزْمٍ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَذَلِكَ ضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمِصِّيصِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَكَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ: صَدُوقٌ أَيْضًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ وَالطُّرُقَ يَشْهَدُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ، فَأَقَلُّ أَحْوَالِهَا أَنْ يَكُونَ الْمَتْنُ الَّذِي اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ حَسَنًا
قَوْلُهُ: (الصُّلْحُ جَائِزٌ) ظَاهِرُ هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute