للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩٥ - (وَعَنْ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَتَمَضْمَض

ــ

[نيل الأوطار]

دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُدْرَجٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِالِاضْطِرَابِ وَقَالَ: إنَّهُ وَهْمٌ، أَوْ الصَّوَابُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَفِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحُصَيْنِ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَعَنْ أَبِي مُوسَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ، وَاخْتُلِفَ فِي وَقْفِهِ وَرَفْعِهِ وَصُوِّبَ الْوَقْفُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَعَلَّهُ أَيْضًا، وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَزْهَرِ وَقَدْ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ، وَعَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَنَسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَجْوَدُ مَا فِي الْبَابِ، قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى وَعَائِشَةَ فَوَاهِيَةٌ.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ فَيُمْسَحَانِ مَعَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ. وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: هُمَا مِنْ الْوَجْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْمُقْبِلُ مِنْ الْوَجْهِ، وَالْمُدْبِرُ مِنْ الرَّأْسِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا نِسْبَةَ ذَلِكَ إلَى الْقَائِلِينَ بِهِ فِي بَابِ تَعَاهُدِ الْمَاقَيْنِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا - يَعْنِي كَوْنَ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ - عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَاعْتَذَرَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ الرَّأْسِ بِضَعْفِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ حَتَّى قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّ ضَعْفَهَا كَثِيرٌ لَا يَنْجَبِرُ بِكَثْرَةِ الطُّرُقِ، وَرَدَّ بِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَدْ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَطَّانِ أَنَّ مَا أَعَلَّهُ بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ لَيْسَ بِعِلَّةٍ، وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ إمَّا صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ، وَاخْتُلِفَ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَتْ الْقَاسِمِيَّةُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ.

وَذَهَبَ مَنْ عَدَاهُمْ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ. وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ دَاخِلَهُمَا بِالسِّبَابَتَيْنِ وَخَالَفَ بِإِبْهَامَيْهِ إلَى ظَاهِرِهِمَا فَمَسَحَ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ مَنْدَهْ وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: لَا يُعْرَفُ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ إلَّا مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، وَبِحَدِيثِ الرَّبِيعِ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَالصُّنَابِحِيِّ، وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا أَفْعَالٌ لَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ.

قَالُوا: أَحَادِيثُ (الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ) بَعْضُهَا يُقَوِّي بَعْضًا وَقَدْ تَضَمَّنَتْ أَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِمَسْحِ الرَّأْسِ أَمْرًا بِمَسْحِهِمَا فَيَثْبُتُ وُجُوبُهُ بِالنَّصِّ الْقُرْآنِيِّ. وَأُجِيبَ بِعَدَمِ انْتِهَاضِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ لِذَلِكَ وَالْمُتَيَقَّنُ الِاسْتِحْبَابُ فَلَا يُصَارُ إلَى الْوُجُوبِ إلَّا بِدَلِيلٍ نَاهِضٍ، وَإِلَّا كَانَ مِنْ التَّقَوُّلِ عَلَى اللَّهِ بِمَا لَمْ يَقُلْ.

١٩٥ - (وَعَنْ الصُّنَابِحِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَتَمَضْمَضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>