خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: «فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ)
ــ
[نيل الأوطار]
خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: «فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتْ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) . رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ غَسْلِ مَا اُسْتُرْسِلَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَالْكَلَامِ عَلَى أَطْرَافِهِ قَدْ سَبَقَ هُنَالِكَ.
وَقَدْ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ يُمْسَحَانِ مَعَ الرَّأْسِ قَالَ: فَقَوْلُهُ: (تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأُذُنَيْنِ دَاخِلَتَانِ فِي مُسَمَّاهُ مِنْ جُمْلَتِهِ انْتَهَى. وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُمْسَحَانِ بِبَقِيَّةِ مَاءِ الرَّأْسِ أَوْ بِمَاءٍ جَدِيدٍ؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ إلَى أَنَّهُ يُؤْخَذُ لَهُمَا مَاءٌ جَدِيدٌ وَذَهَبَ الْهَادِي وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ مَعَ الرَّأْسِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي صِفَةِ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ أُذُنَيْهِ بِمَاءٍ غَيْرِ الْمَاءِ الَّذِي مَسَحَ بِهِ الرَّأْسَ» ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَرْمَلَةَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ.
قَالَ الْحَافِظُ: إسْنَادُهُ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ بِلَفْظِ: (فَأَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَ لِرَأْسِهِ) . وَقَالَ: هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ، لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي الْإِمَامِ أَنَّهُ رَأَى فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ حَرْمَلَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَفْظُهُ: (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ لَمْ يَذْكُرْ الْأُذُنَيْنِ) .
قَالَ الْحَافِظُ: قُلْت: كَذَا هُوَ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ سَلْمٍ عَنْ حَرْمَلَةَ، وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَجْدِيدِ الْمَاءِ لِلْأُذُنَيْنِ مِنْ حَدِيثِ نِمْرَانَ بْنِ جَارِيَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ الَّذِي فِي رِوَايَةِ جَارِيَةَ بِلَفْظِ: (خُذْ لِلرَّأْسِ مَاءً جَدِيدًا) رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَرُوِيَ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إذَا تَوَضَّأَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ، وَصَرَّحَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ الْبَيْهَقِيّ السَّابِقِ أَنَّ الْمَحْفُوظَ مَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ) . وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَاءِ الرَّأْسِ بِمَا سَلَفَ مِنْ إعْلَالِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالُوا: فَيُوقَفُ عَلَى مَا ثَبَتَ مِنْ مَسْحِهِمَا مَعَ الرَّأْسِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالرُّبَيِّعِ وَغَيْرِهِمَا، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْي: لَمْ يَثْبُت عَنْهُ أَنَّهُ أَخَذَ لَهُمَا مَاءً جَدِيدًا وَإِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute