للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢٤٥٤ - (وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي الْأَرَضِينَ وَالدُّورِ» رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي الْمُسْنَدِ، وَيَحْتَجُّ بِعُمُومِهِ مَنْ أَثْبَتَهَا لِلشَّرِيكِ فِيمَا تَضُرُّهُ الْقِسْمَةُ) .

٢٤٥٥ - (وَعَنْ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ غَيْرِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .

٢٤٥٦ - (وَعَنْ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْد قَالَ: «قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا شِرْكٌ وَلَا قَسْمٌ إلَّا الْجِوَارُ؟ فَقَالَ: الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا كَانَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَلِابْنِ مَاجَهْ مُخْتَصَرُ «الشَّرِيكِ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ مَا كَانَ»

٢٤٥٧ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ: وَقَفْت عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ ثُمَّ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّي بَيْتَيَّ فِي دَارِكَ، فَقَالَ سَعْدٌ: وَاَللَّهِ مَا أَبْتَاعُهَا، فَقَالَ الْمِسْوَرُ: وَاَللَّهِ لَتَبْتَاعَنَّهَا، فَقَالَ سَعْدٌ: وَاَللَّهِ مَا أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةٍ أَوْ مُقَطَّعَةٍ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ: لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ» مَا أَعْطَيْتُكَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ وَأَنَا أُعْطَى بِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَعْطَاهَا إيَّاهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)

ــ

[نيل الأوطار]

حَتَّى مِنْ الشَّرِيكِ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ قَدَّمُوا الشَّرِيكَ مُطْلَقًا، ثُمَّ الْمُشَارِكَ فِي الشِّرْبِ، ثُمَّ الْمُشَارِكَ فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ الْجَارَ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُجَاوِرٍ

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ: أَيْ: الْجَارُ أَحَقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَا جِوَارَ لَهُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْجَارُ الْمُجَاوِرُ وَاَلَّذِي أَجَرْتَهُ مِنْ أَنْ يُظْلَمَ وَالْمُجِيرُ وَالْمُسْتَجِيرُ وَالشَّرِيكُ فِي التِّجَارَةِ وَزَوْجُ الْمَرْأَةِ وَمَا قَرُبَ مِنْ الْمَنَازِلِ وَالْحَلِيفُ وَالنَّاصِرُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَارَ الْمَذْكُورَ فِي الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ إنْ كَانَ يُطْلَقُ عَلَى الشَّرِيكِ فِي الشَّيْءِ وَالْمُجَاوِرِ لَهُ بِغَيْرِ شَرِكَةٍ كَانَتْ مُقْتَضِيَةً بِعُمُومِهَا لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَهُمَا جَمِيعًا وَحَدِيثُ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورَانِ يَدُلَّانِ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ الَّذِي لَا شَرِكَةَ لَهُ فَيُخَصِّصَانِ عُمُومَ أَحَادِيثِ الْجَارِ، وَلَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا حَدِيثُ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْد، فَإِنَّ قَوْلَهُ: " لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا شِرْكٌ وَلَا قَسْمٌ إلَّا الْجِوَارَ " مُشْعِرٌ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِمُجَرَّدِ الْجِوَارِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ سَمُرَةَ لِقَوْلِهِ فِيهِ «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ» فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْجِوَارَ الْمَذْكُورَ جِوَارٌ لَا شَرِكَةَ فِيهِ

وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لَا يَصْلُحَانِ لِمُعَارَضَةِ مَا فِي الصَّحِيحِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الْآتِي بِلَفْظِ " إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا " فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِوَارَ لَا يَكُونُ مُقْتَضِيًا لِلشُّفْعَةِ إلَّا مَعَ اتِّحَادِ الطَّرِيقِ لَا بِمُجَرَّدِهِ وَلَا عُذْرَ لِمَنْ قَالَ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ مِنْ هَذَا إنْ قَالَ بِصِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ قَالَ بِهَذَا، أَعْنِي: ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ مَعَ اتِّحَادِ الطَّرِيقِ، بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ شَرْعِيَّةَ الشُّفْعَةِ إنَّمَا هِيَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ فِي الْأَغْلَبِ مَعَ الْمُخَالَطَةِ فِي الشَّيْءِ الْمَمْلُوكِ أَوْ فِي طَرِيقِهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَى جَارٍ لَمْ يُشَارِكْ فِي أَصْلٍ وَلَا طَرِيقٍ إلَّا نَادِرًا، وَاعْتِبَارُ هَذَا النَّادِرِ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ مَعَ عَدَمِ الْمُلَاصَقَةِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الضَّرَرِ لَهُ قَدْ يَقَعُ فِي نَادِرِ الْحَالَاتِ كَحَجْبِ الشَّمْسِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ الَّتِي يُتَأَذَّى بِهَا وَرَفْعِ الْأَصْوَاتِ وَسَمَاعِ بَعْضِ الْمُنْكَرَاتِ، وَلَا قَائِلَ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِمَنْ كَانَ كَذَلِكَ، وَالضَّرَرُ النَّادِرُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ عَلَّقَ الْأَحْكَامَ بِالْأُمُورِ الْغَالِبَةِ، فَعَلَى فَرْضِ أَنَّ الْجَارَ لُغَةً لَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى مَنْ كَانَ مُلَاصِقًا غَيْرَ مُشَارِكٍ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجِوَارِ بِاتِّحَادِ الطَّرِيقِ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنْ لَا تَثْبُتَ الشُّفْعَةُ بِمُجَرَّدِ الْجِوَارِ وَهُوَ الْحَقُّ

وَقَدْ زَعَمَ صَاحِبُ الْمَنَارِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ تَقْتَضِي ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَالشَّرِيكِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهَا وَوَجَّهَ حَدِيثَ جَابِرٍ بِتَوْجِيهٍ بَارِدٍ، وَالصَّوَابُ مَا حَرَّرْنَاهُ قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ شَرِكَةٍ) فِي مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد " فِي كُلِّ شِرْكٍ " وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ مِنْ أَشْرَكْتَهُ فِي الْبَيْعِ إذَا جَعَلْتَهُ لَكَ شَرِيكًا، ثُمَّ خُفِّفَ الْمَصْدَرُ بِكَسْرِ الْأَوَّلِ وَسُكُونِ الثَّانِي، فَيُقَالُ: شِرْكٌ وَشِرْكَةٌ كَمَا يُقَالُ كِلْمٌ وَكِلْمَةٌ قَوْلُهُ: (رَبْعَةٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ تَأْنِيثُ رَبْعٍ: وَهُوَ الْمَنْزِلُ الَّذِي يَرْتَبِعُونَ فِيهِ فِي الرَّبِيعِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الدَّارُ وَالْمَسْكَنُ قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>