. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَعَنْ أَحْمَدَ تَصِحُّ وَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ وَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ إنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ كَأَنْ يَحْتَاجَ الْوَلَدُ لِزَمَانَتِهِ أَوْ دَيْنِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ دُونَ الْبَاقِينَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجِبُ التَّسْوِيَةُ إنْ قَصَدَ بِالتَّفْضِيلِ الْإِضْرَارَ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ مُسْتَحَبَّةٌ، فَإِنْ فَضَّلَ بَعْضًا صَحَّ وَكُرِهَ، وَحُمِلَ الْأَمْرُ عَلَى النَّدْبِ، وَكَذَلِكَ حَمَلُوا النَّهْيَ الثَّابِتَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ بِلَفْظِ: «أَيَسُرُّك أَنْ يَكُونُوا لَك فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَلَا إذْنَ» عَلَى التَّنْزِيهِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بِأَجْوِبَةٍ عَشَرَةٍ ذَكَرَهَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَسَنُورِدُهَا هَهُنَا مُخْتَصَرَةً مَعَ زِيَادَاتٍ مُفِيدَةٍ، فَقَالَ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَوْهُوبَ لِلنُّعْمَانِ كَانَ جَمِيعَ مَالِ وَالِدِهِ، حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ مُصَرِّحَةٌ بِالْبَعْضِيَّةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ " أَنَّ الْمَوْهُوبَ كَانَ غُلَامًا " وَكَمَا فِي لَفْظِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورِ قَالَ: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ الْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ الْعَطِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ تُنْجَزْ، وَإِنَّمَا جَاءَ بَشِيرٌ يَسْتَشِيرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَفْعَلَ فَتَرَكَ، حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ أَمْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِالِارْتِجَاعِ يُشْعِرُ بِالتَّنْجِيزِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ عَمْرَةَ: " لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ. . . إلَخْ "
الْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ النُّعْمَانَ كَانَ كَبِيرًا وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْمَوْهُوبَ فَجَازَ لِأَبِيهِ الرُّجُوعُ، ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي أَكْثَرِ طُرُقِ الْحَدِيثِ خُصُوصًا قَوْلُهُ: " أَرْجِعْهُ " فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ وُقُوعِ الْقَبْضِ وَاَلَّذِي تَظَافَرَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا وَكَانَ أَبُوهُ قَابِضًا لَهُ لِصِغَرِهِ، فَأَمَرَهُ بِرَدِّ الْعَطِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ مَا كَانَتْ فِي حُكْمِ الْمَقْبُوضِ الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: " أَرْجِعْهُ " دَلِيلُ الصِّحَّةِ، وَلَوْ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ لَمْ يَصِحَّ الرُّجُوعُ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالرُّجُوعِ لِأَنَّ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا وَهَبَ لِوَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ خِلَافَ ذَلِكَ، لَكِنَّ اسْتِحْبَابَ التَّسْوِيَةِ رَجَحَ عَلَى ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ أَمَرَهُ بِهِ
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الِاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: " أَرْجِعْهُ " أَيْ لَا تُمْضِ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَقَدُّمُ صِحَّةِ الْهِبَةِ. الْخَامِسُ أَنَّ قَوْلَهُ " أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي " إذْنٌ بِالْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ الْإِمَامَ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَشْهَدُ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنَّمَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَحْكُمَ، حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَارْتَضَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَلَا مِنْ أَدَائِهَا إذَا تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ، وَالْإِذْنُ الْمَذْكُورُ مُرَادٌ بِهِ التَّوْبِيخُ لِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ: قَالَ الْحَافِظُ: وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْجُمْهُورُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: قَوْلُهُ " أَشْهِدْ " صِيغَةُ أَمْرٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ الْجَوَازِ، وَهِيَ كَقَوْلِهِ لِعَائِشَةَ: «اشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ» اهـ وَيُؤَيِّدُ هَذَا تَسْمِيَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِذَلِكَ جَوْرًا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ.
السَّادِسِ: التَّمَسُّكُ بِقَوْلِهِ " أَلَا سَوَّيَتْ بَيْنَهُمْ؟ " عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ الِاسْتِحْبَابُ وَبِالنَّهْيِ التَّنْزِيهُ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute