للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٤٨٣ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَزَادَ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ» وَلِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ: قَالَ قَتَادَةُ: وَلَا أَعْلَمُ الْقَيْءَ إلَّا حَرَامًا) .

٢٤٨٤ - (وَعَنْ طَاوُسٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ رَفَعَاهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الْعَطِيَّةَ فَيَرْجِعَ فِيهَا إلَّا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الرَّجُلِ يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ أَكَلَ حَتَّى إذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ رَجَعَ فِي قَيْئِهِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ)

ــ

[نيل الأوطار]

فَلَا إذْنَ» وَلِأَبِي دَاوُد: «إنَّ لَهُمْ عَلَيْك مِنْ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ كَمَا لَك عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَقِّ أَنْ يَبَرُّوك» وَلِلنَّسَائِيِّ: " أَلَا سَوَّيْت بَيْنَهُمْ؟ " وَلَهُ وَلِابْنِ حِبَّانَ: " سَوِّ بَيْنَهُمْ "

قَالَ الْحَافِظُ: وَاخْتِلَافُ الْأَلْفَاظِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ الْوَاحِدَةِ يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ قَوْلُهُ: (أَفَعَلْت هَذَا بِوَلَدِك كُلِّهِمْ؟) قَالَ مُسْلِمٌ: أَمَّا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ فَقَالَا: " أَكُلَّ بَنِيك " وَأَمَّا اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَا: " أَكُلَّ وَلَدِك " قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، وَأَمَّا لَفْظُ الْبَنِينَ فَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانُوا إنَاثًا وَذُكُورًا فَعَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ

حَدِيثُ طَاوُسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ قَوْلُهُ: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ. . . إلَخْ) اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى تَحْرِيمِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْقَيْءَ حَرَامٌ فَالْمُشَبَّهُ بِهِ مِثْلُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ «كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ» وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّحْرِيمِ، لِأَنَّ الْكَلْبَ غَيْرُ مُتَعَبِّدٍ، فَالْقَيْءُ لَيْسَ حَرَامًا عَلَيْهِ، وَهَكَذَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ طَاوُسٍ الْمَذْكُورِ: " كَمَثَلِ الْكَلْبِ ". . . إلَخْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِيمَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ: فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ» وَأَيْضًا الرِّوَايَةُ الدَّالَّةُ عَلَى التَّحْرِيمِ غَيْرُ مُنَافِيَةٍ لِلرِّوَايَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ عَلَى تَسْلِيمِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ فَقَطْ، لِأَنَّ الدَّالَّ عَلَى التَّحْرِيمِ قَدْ دَلَّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَزِيَادَةٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ نَهْيِ الْمُتَصَدِّقِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ عَنْ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ التَّحْرِيمَ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ، وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَنَّ الْأَكْثَرَ حَمَلُوهُ عَلَى التَّنْفِيرِ خَاصَّةً لِكَوْنِ الْقَيْءِ مِمَّا يُسْتَقْذَرُ، وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِالتَّحْرِيمِ قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>