للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي أَخْذِ الْوَالِدِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ

٢٤٨٥ - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَفِي لَفْظٍ: «وَلَدُ الرَّجُلِ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِهِ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ هَنِيئًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ)

٢٤٨٦ - (وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي مَالًا وَوَلَدًا، وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ: أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) .

٢٤٨٧ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ: أَنْتَ وَمَالُك لِوَالِدِك، إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ فِيهِ: «إنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنَّ لِي مَالًا وَوَلَدًا، وَإِنَّ وَالِدِي» الْحَدِيثَ)

ــ

[نيل الأوطار]

رُجُوعًا، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ رُجُوعًا فَرُبَّمَا اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَةُ التَّأْدِيبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي الْأُمِّ هَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَبِ فِي الرُّجُوعِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إلَى الْأَوَّلِ، كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْفَتْحِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ لَفْظَ الْوَالِدِ يَشْمَلُهَا وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَحْكَامِ وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَأَبِي طَالِبٍ وَالْإِمَامِ يَحْيَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا الرُّجُوعُ إذْ رُجُوعُ الْأَبِ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَالْمَالِكِيَّةُ فَرَّقُوا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَقَالُوا: لِلْأُمِّ أَنْ تَرْجِعَ إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا دُونَ مَا إذَا مَاتَ، وَقَيَّدُوا رُجُوعَ الْأَبِ بِمَا إذَا كَانَ الِابْنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَسْتَحْدِثْ دَيْنًا أَوْ يَنْكِحْ، وَبِذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ لِوَلَدِهِ مُطْلَقًا، وَكَذَلِكَ الْأُمُّ إنْ صَحَّ أَنَّ لَفْظَ الْوَالِدِ يَشْمَلُهَا لُغَةً أَوْ شَرْعًا لِأَنَّهُ خَاصٌّ، وَحَدِيثُ الْمَنْعِ مِنْ الرُّجُوعِ عَامٌّ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْوَالِدُ: الْأَبُ، وَجَمْعُهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، وَالْوَالِدَةُ: الْأُمُّ، وَجَمْعُهَا بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ، وَالْوَالِدَانِ: الْأَبُ وَالْأُمُّ لِلتَّغْلِيبِ اهـ وَحَدِيثُ سَمُرَةَ الْمُتَقَدِّمُ بِلَفْظِ: «إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَمْ يَرْجِعْ» مُخَصَّصٌ بِحَدِيثِ الْبَابِ، لِأَنَّ الرَّحِمَ عَلَى فَرْضِ شُمُولِهِ لِلِابْنِ أَعَمُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مُطْلَقًا وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الرَّحِمَ غَلَبَ عَلَى غَيْرِ الْوَلَدِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ لُغَوِيَّةٌ فِيمَا عَدَاهُ، فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَلَا تَعَارُضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>