٢٤٩٤ - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَنْفَقَتْ
ــ
[نيل الأوطار]
مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَيْضًا الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ بِلَفْظِ: «فَأَمَّا إذَا قُلْتَ: هِيَ لَك مَا عِشْتَ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا» وَلَكِنَّهُ قَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يُفْتِي بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّعْلِيلَ، وَبَيَّنَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ التَّعْلِيلَ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ أَوْضَحَتْهُ فِي كِتَابِ الْمُدْرَجِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةَ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى تَكُونُ لِلْمُعْمَرِ وَالْمُرْقَبِ وَلِعَقِبِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِمُدَّةِ الْعُمْرِ أَوْ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَبَّدَةً
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ فِي دَلِيلِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُقَيَّدَةَ بِمُدَّةِ الْحَيَاةِ لَهَا حُكْمُ الْمُؤَبَّدَةِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْقَاضِيَةُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ التَّقْيِيدِ بِمُدَّةِ الْحَيَاةِ وَبَيْنَ الْإِطْلَاقِ وَالتَّأْبِيدِ مَعْلُولَةٌ بِالْإِدْرَاجِ فَلَا تَنْتَهِضُ لِتَقْيِيدِ الْمُطْلَقَاتِ وَلَا لِمُعَارَضَةِ مَا يُخَالِفُهَا. الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَك وَلِعَقِبِك مِنْ بَعْدِك أَوْ يَأْتِي بِلَفْظٍ يُشْعِرُ بِالتَّأْبِيدِ، فَهَذِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْهِبَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْوَقْفِ إذَا انْقَرَضَ الْمُعْمَرُ وَعَقِبُهُ رَجَعَتْ إلَى الْوَاهِبِ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ الْقَاضِيَةُ بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلِعَقِبِهِ تَرُدُّ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ: (فَهِيَ لِمُعْمَرِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مَفْعُولٌ مِنْ أَعْمَرَ قَوْلُهُ: (مَحْيَاهُ وَمَمَاتُهُ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ: أَيْ مُدَّةَ حَيَّاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ قَوْلُهُ: (لَا تَعْمُرُوا. . . إلَخْ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا يَصِحُّ حَمْلُ هَذَا النَّهْيِ عَلَى التَّحْرِيمِ لِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ: إنَّ النَّهْيَ يَتَوَجَّهُ إلَى اللَّفْظِ الْجَاهِلِيِّ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانَتْ تَسْتَعْمِلُهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ: النَّهْيُ يَتَوَجَّهُ إلَى الْحُكْمِ وَلَا يُنَافِي الصِّحَّةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَعْنَى النَّهْيِ حَقِيقَةُ التَّحْرِيمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلْفَسَادِ الْمُرَادِفِ لِلْبُطْلَانِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعُمْرَى جَائِزَةٌ» قَوْلُهُ: (فَمَنْ أُعْمِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: (أَوْ أُرْقِبَهُ) .
قَوْلُهُ: (وَلِعَقِبِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِهَا لِلتَّخْفِيفِ، وَالْمُرَادُ وَرَثَتُهُ الَّذِينَ يَأْتُونَ بَعْدَهُ قَوْلُهُ: (حَدِيقَةً) هِيَ الْبُسْتَانُ يَكُونُ عَلَيْهِ الْحَائِطُ، فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ أَحْدَقَ بِهَا: أَيْ أَحَاطَ، ثُمَّ تَوَسَّعُوا حَتَّى أَطْلَقُوا الْحَدِيقَةَ عَلَى الْبُسْتَانِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَائِطٍ قَوْلُهُ: (شَرَعَ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ: أَيْ سَوَاءٌ ذُكِرَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْقَامُوسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute