. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
أَيْضًا أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ مُرْسَلِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَوَصَلَهُ يُونُسُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْحَافِظُ: وَالْمَعْرُوفُ الْمُرْسَلُ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: إسْنَادُهُ وَاهٍ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَعَنْ جَابِرٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَصَوَّبَ إرْسَالَهُ، وَعَنْ عَلِيٍّ عِنْدَهُ أَيْضًا وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا يَخْلُو إسْنَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ مَقَالٍ، لَكِنَّ مَجْمُوعَهُمَا يَقْتَضِي أَنَّ لِلْحَدِيثِ أَصْلًا، بَلْ جَنَحَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ إلَى أَنَّ هَذَا الْمَتْنَ مُتَوَاتِرٌ فَقَالَ: وَجَدْنَا أَهْلَ الْفُتْيَا وَمَنْ حَفِظْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عَامَ الْفَتْحِ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَيَأْثِرُونَهُ عَمَّنْ حَفِظُوهُ فِيهِ مِمَّنْ لَقُوهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَكَانَ نَقْلُ كَافَّةٍ عَنْ كَافَّةٍ فَهُوَ أَقْوَى مِنْ نَقْلِ وَاحِدٍ
وَقَدْ نَازَعَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ فِي كَوْنِ هَذَا الْحَدِيثِ مُتَوَاتِرًا، قَالَ: وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يُنْسَخُ بِالسُّنَّةِ قَالَ الْحَافِظُ: لَكِنَّ الْحُجَّةَ فِي هَذَا إجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى مُقْتَضَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ صِحَّةِ وَصِيَّةِ الْوَارِثِ عَدَمُ اللُّزُومِ، لِأَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَقِيلَ: إنَّهَا لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ أَصْلًا وَهُوَ الظَّاهِرُ، لِأَنَّ النَّفْيَ إمَّا أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى الذَّاتِ، وَالْمُرَادُ لَا وَصِيَّةَ شَرْعِيَّةَ، وَإِمَّا إلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الذَّاتِ وَهُوَ الصِّحَّةُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَتَوَجَّهَ هَهُنَا إلَى الْكَمَالِ الَّذِي هُوَ أَبْعَدُ الْمَجَازَيْنِ
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ مَعَ رِضَا الْبَعْضِ الْآخَرِ فَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْيَ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ إلَى الصِّحَّةِ بَلْ هُوَ مُتَوَجِّهٌ إلَيْهَا، وَإِذَا رَضِيَ الْوَارِثُ كَانَتْ صَحِيحَةً كَمَا هُوَ شَأْنُ بِنَاءِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَهَكَذَا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَحَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْهَادِي وَالنَّاصِرِ وَأَبِي طَالِبٍ وَأَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] قَالُوا: وَنَسْخُ الْوُجُوبِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَسْخَ الْجَوَازِ
وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْجَوَازَ أَيْضًا مَنْسُوخٌ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ نَاسِخِ آيَةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ، فَقِيلَ: آيَةُ الْفَرَائِضِ، وَقِيلَ: الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ وَقِيلَ: دَلَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ دَلِيلُهُ، هَكَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْآيَةَ مَخْصُوصَةٌ لِأَنَّ الْأَقْرَبِينَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونُوا وَارِثِينَ أَمْ لَا؟ فَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ وَاجِبَةٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَخُصَّ مِنْهَا الْوَارِثُ بِآيَةِ الْفَرَائِضِ وَبِأَحَادِيثِ الْبَابِ، وَبَقِيَ حَقُّ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الْأَقْرَبِينَ مِنْ الْوَصِيَّةِ عَلَى حَالِهِ، قَالَهُ طَاوُسٌ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ: (وَأَنَا تَحْتَ جِرَانِهَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: جِرَانُ الْبَعِيرِ بِالْكَسْرِ مُقَدَّمُ عُنُقِهِ مِنْ مَذْبَحِهِ إلَى مَنْحَرِهِ قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute