بَابٌ فِي أَنَّ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ مِنْ الثُّلُثِ
٢٥٣٠ - (عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ: «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ وَقَالَ فِيهِ: «لَوْ شَهِدْته قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ لَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ» )
٢٥٣١ - (وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ
ــ
[نيل الأوطار]
وَهِيَ تَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا) الْجِرَّةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْجِرَّةُ بِالْكَسْرِ: هَيْئَةُ الْجَرِّ وَمَا يَفِيضُ بِهِ الْبَعِيرُ فَيَأْكُلُهُ ثَانِيَةً، وَقَدْ اجْتَرَّ وَأَجَرَّ، وَاللُّقْمَةُ يَتَعَلَّلُ بِهَا الْبَعِيرُ إلَى وَقْتِ عَلْفِهِ، وَالْقَصْعُ: الْبَلْعُ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: قَصَعَ كَمَنَعَ: ابْتَلَعَ جُرَعَ الْمَاءِ، وَالنَّاقَةُ بِجِرَّتِهَا: رَدَّتْهَا إلَى جَوْفِهَا أَوْ مَضَغَتْهَا، أَوْ هُوَ بَعْدَ الدَّسْعِ وَقَبْلَ الْمَضْغِ، أَوْ هُوَ أَنْ تَمْلَأَ بِهَا فَاهَا، أَوْ شِدَّةُ الْمَضْغِ اهـ
قَوْلُهُ: (وَإِنَّ لُغَامَهَا) بِضَمِّ اللَّامِ بَعْدَهَا غَيْنٌ مُعْجَمَةٌ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مِيمٌ: هُوَ اللُّعَابُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: لَغَمَ الْجَمَلُ كَمَنَعَ رَمَى بِلُعَابِهِ لِزَبَدِهِ. قَالَ: وَالْمَلَاغِمُ: مَا حَوْلَ الْفَمِ قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ) فِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى الْمُزَنِيّ وَدَاوُد وَالسُّبْكِيِّ حَيْثُ قَالُوا: إنَّهَا لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ وَاحْتَجُّوا بِالْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا وَلَكِنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ زِيَادَةٌ يَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهَا قَالَ الْحَافِظُ: إنْ صَحَّتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فَهِيَ حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ
وَاحْتَجُّوا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا كَانَ فِي الْأَصْلِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِذَا أَجَازُوهُ لَمْ يَمْتَنِعْ وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْإِجَازَةِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُمْ إنْ أَجَازُوا فِي حَيَاةِ الْمُوصِي كَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءُوا، وَإِنْ أَجَازُوا بَعْدَ نَفَذٍ وَفَصَلَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْحَيَاةِ بَيْنَ مَرَضِ الْمَوْتِ وَغَيْرِهِ، فَأَلْحَقُوا مَرَضَ الْمَوْتِ بِمَا بَعْدَهُ، وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا إذَا كَانَ الْمُجِيزُ فِي عَائِلَةِ الْمُوصِي وَخُشِيَ مِنْ امْتِنَاعِهِ انْقِطَاعُ مَعْرُوفِهِ عَنْهُ لَوْ عَاشَ فَإِنَّ لِمِثْلِ هَذَا الرُّجُوعِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ: لَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا، وَاتَّفَقُوا عَلَى اعْتِبَارِ كَوْنِ الْمُوصَى لَهُ وَارِثًا يَوْمَ الْمَوْتِ، حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ الْوَارِثِ حَيْثُ لَا يَكُونُ لِلْمُوصِي ابْنٌ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ قَبْلَ مَوْتِهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ الْمَذْكُورِ؛ وَلَوْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلَهُ ابْنٌ فَمَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute