. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
قَوْلِ نَافِعٍ وَمَيَّزَهُ كَمَا صَنَعَ هَمَّامٌ سَوَاءٌ، فَلَمْ يَجْعَلُوهُ مُدْرَجًا كَمَا جَعَلُوا حَدِيثَ هَمَّامٍ مُدْرَجًا مَعَ كَوْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَافَقَ أَيُّوبَ فِي ذَلِكَ، وَهَمَّامٌ لَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ، وَقَدْ جَزَمَ بِكَوْنِ حَدِيثِ نَافِعٍ مُدْرَجًا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ وَآخَرُونَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحَانِ مَرْفُوعَانِ وِفَاقًا لِصَاحِبَيْ الصَّحِيحِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّاقِ: وَالْإِنْصَافُ أَنْ لَا يُوهِمَ الْجَمَاعَةَ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ قَتَادَةَ يُفْتِي بِهِ، فَلَيْسَ بَيْنَ تَحْدِيثِهِ بِهِ مَرَّةً وَفُتْيَاهُ أُخْرَى مُنَافَاةٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ أَخْرَجَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ أَفْتَى بِهِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الرَّفْعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَعْنِي قَوْلَهُ: " وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا عَتَقَ " إنَّ الَّذِي رَفَعَهُ مَالِكٌ وَهُوَ أَحْفَظُ لِحَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ، وَقَدْ تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الرَّفْعَ زِيَادَةٌ مُعْتَبَرَةٌ لَا يَلِيقُ إهْمَالُهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَعِلْمِ الِاصْطِلَاحِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ الْإِعْلَالِ لِطَرِيقِ الرَّفْعِ بِالْوَقْفِ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى لَا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ مُسْتَنَدٌ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ الْإِجْمَاعِ عَلَى قَبُولِ الزِّيَادَةِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ مُنَافِيَةً مَعَ تَعَدُّدِ مَجَالِسِ السَّمَاعِ.
فَالْوَاجِبُ قَبُولُ الزِّيَادَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ، وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ لَا كَمَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ
وَقَدْ جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّ الْمُعْسِرَ إذَا أَعْتَقَ حِصَّتَهُ لَمْ يَسْرِ الْعِتْقُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، بَلْ تَبْقَى حِصَّةُ شَرِيكِهِ عَلَى حَالِهَا وَهِيَ الرِّقُّ، ثُمَّ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي عِتْقِ بَقِيَّتِهِ فَيَحْصُلُ ثَمَنُ الْجُزْءِ لِشَرِيكِ سَيِّدِهِ وَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَعْتِقُ وَجَعَلُوهُ فِي ذَلِكَ كَالْمُكَاتَبِ.
وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ
قَالَ الْحَافِظُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ لِقَوْلِهِ: غَيْرُ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ بِأَنْ يُكَلَّفَ الْعَبْدُ الِاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى يَحْصُلَ ذَلِكَ لَحَصَلَ لَهُ غَايَةُ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ لَا تَلْزَمُ فِي الْكِتَابَةِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ فَهَذِهِ مِثْلُهَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا يَبْقَى بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بَعْدَ هَذَا الْجَمْعِ مُعَارَضَةٌ أَصْلًا قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَبْقَى الرِّقُّ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ إذَا لَمْ يَخْتَرْ الْعَبْدُ الِاسْتِسْعَاءَ فَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ غَنِيًّا أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ جَمِيعُهُ لَهُ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ ابْنِ التِّلِبِّ الَّذِي تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُعْسِرِ وَإِلَّا لَتَعَارَضَا وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِطَرِيقٍ أُخْرَى فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ: الْمُرَادُ بِالِاسْتِسْعَاءِ أَنَّ الْعَبْدَ يَسْتَمِرُّ فِي حِصَّةِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ رَقِيقًا فَيَسْعَى فِي خِدْمَتِهِ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ مِنْ الرِّقِّ
قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: " غَيْرُ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ " أَيْ مِنْ جِهَةِ سَيِّدِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يُكَلِّفُهُ مِنْ الْخِدْمَةِ فَوْقَ حِصَّةِ الرِّقِّ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا حَدِيثَ إسْمَاعِيلِ بْنِ أُمَيَّةَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَكِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُد بِلَفْظِ: " وَاسْتَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِصَاحِبِهِ " وَاحْتَجَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute