للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

مَنْ أَبْطَلَ السِّعَايَةَ بِحَدِيثِ «الرَّجُلِ الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمَالِيكٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَجَزَّأَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» .

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّبَرُّعَاتِ الْمَرِيضُ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا

وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَنُجِّزَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِتْقُ ثُلُثِهِ وَاسْتَسْعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَأَجَابَ مَنْ أَثْبَتَ السِّعَايَةَ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّةِ السِّعَايَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ السِّعَايَةُ مَشْرُوعَةٌ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَأَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُلُثَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْعَى فِي الثُّلُثَيْنِ» وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ حَدِيثٍ، وَفِيهِ: «وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِصُورَةِ الْيَسَارِ لِقَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: " وَلَهُ وَفَاءٌ " وَالسِّعَايَةُ إنَّمَا هِيَ فِي صُورَةِ الْإِعْسَارِ

وَقَدْ ذَهَبَ إلَى الْأَخْذِ بِالسِّعَايَةِ إذَا كَانَ الْمُعْتَقُ مُعْسَرًا أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ.

وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَآخَرُونَ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الْأَكْثَرُ: يَعْتِقُ جَمِيعُهُ فِي الْحَالِ وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي تَحْصِيلِ قِيمَةِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ، وَزَادَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى فَقَالَ: ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ بِمَا دَفَعَهُ إلَى الشَّرِيكِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَحْدَهُ: يُتَخَيَّرُ بَيْنَ السِّعَايَةِ وَبَيْنَ عِتْقِ نَصِيبِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عِنْدَهُ ابْتِدَاءً إلَّا النَّصِيبُ الْأَوَّلُ فَقَطْ

وَعَنْ عَطَاءٍ: يُتَخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ إبْقَاءِ حِصَّتِهِ فِي الرِّقِّ وَخَالَفَ الْجَمِيعَ زُفَرُ فَقَالَ: يَعْتِقُ كُلُّهُ، وَتُقَوَّمُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ فَتُؤْخَذُ إنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُوسِرًا وَتَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَقَدْ حُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ مِثْلُ قَوْلِ زُفَرَ فَيُنْظَرُ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَبْقَى نَصِيبُ شَرِيكِ الْمُعْسِرِ رَقِيقًا

وَعَنْ النَّاصِرِ أَنَّهُ يَسْعَى الْعَبْدُ مُطْلَقًا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْعَى عَنْ الْمُعْسِرِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَالْمُوسِرُ يُخَيِّرُ شَرِيكَهُ بَيْنَ تَضْمِينِهِ أَوْ السِّعَايَةِ أَوْ إعْتَاقِ نَصِيبِهِ كَمَا مَرَّ

وَعَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُعْتَقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً تُرَادُ لِلْوَطْءِ فَيَضْمَنُ مَا أَدْخَلَ عَلَى شَرِيكِهِ فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ وَعَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لِلْعَبِيدِ دُونَ الْإِمَاءِ قَوْلُهُ: (قِيمَةَ عَدْلٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ: أَيْ لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا نَقْصَ

قَوْلُهُ: (لَا وَكْسَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْكَافِ بَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ: أَيْ لَا نَقْصَ وَالشَّطَطُ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ طَاءٌ مُهْمَلَةٌ مُكَرَّرَةٌ: وَهُوَ الْجَوْرُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْقِيمَةِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: شَطَّنِي فُلَانٌ إذَا شَقَّ عَلَيْك وَظَلَمَك حَقَّكَ قَوْلُهُ: (أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ) الشِّرْكُ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: الْحِصَّةُ وَالنَّصِيبُ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ قَوْلُهُ: (شِقْصًا) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ شَقِيصًا بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الْقَافِ، وَالشِّقْصُ

<<  <  ج: ص:  >  >>