للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

خَالِدِ بْنِ مَعْدَانُ عَنْ مُعَاذٍ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «خِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا»

قَوْلُهُ: (إلَّا مِنْ الْأَكْفَاءِ) جَمْعُ كُفْءٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ: وَهُوَ الْمِثْلُ وَالنَّظِيرُ قَوْلُهُ (مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ فِي الدِّينِ وَالْخُلُقِ، وَقَدْ جَزَمَ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الْكَفَاءَةِ مُخْتَصٌّ بِالدِّينِ مَالِكٌ

وَنُقِلَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمِنْ التَّابِعِينَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] وَاعْتَبَرَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ الْجُمْهُورُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قُرَيْشٌ أَكْفَاءُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَالْعَرَبُ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْعَرَبِ كُفُؤًا لِقُرَيْشٍ، كَمَا لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ كُفُؤًا لِلْعَرَبِ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالصَّحِيحُ تَقْدِيمُ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَمَنْ عَدَا هَؤُلَاءِ أَكْفَاءٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إذَا نَكَحَ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ يُفْسَخُ النِّكَاحُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَتَوَسَّطَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: لَيْسَ نِكَاحُ غَيْرِ الْأَكْفَاءِ حَرَامًا فَأَرَادَ بِهِ النِّكَاحَ، وَإِنَّمَا هُوَ تَقْصِيرٌ بِالْمَرْأَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ، فَإِذَا رَضُوا صَحَّ وَيَكُونُ حَقًّا لَهُمْ تَرَكُوهُ، فَلَوْ رَضُوا إلَّا وَاحِدًا فَلَهُ فَسْخُهُ قَالَ: وَلَمْ يَثْبُتْ فِي اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ بِالنَّسَبِ مِنْ حَدِيثٍ وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ رَفَعَهُ: «الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءُ بَعْضٍ» فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيُّ بِحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى بَنِي كِنَانَةَ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ» الْحَدِيثَ، وَهُوَ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ لَكِنْ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ، وَقَدْ ضَمَّ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقْدُمُوهَا» وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: الْكَفَاءَةُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الدِّينِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلَا تَحِلُّ الْمُسْلِمَةُ لِكَافِرٍ

قَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنَّ الْكَفَاءَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالصِّنَاعَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ السَّلَامَةَ مِنْ الْعُيُوبِ، وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ الْيَسَارَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ رَفَعَهُ: «إنَّ أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا الَّذِي يَذْهَبُونَ إلَيْهِ الْمَالُ» وَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ رَفَعَهُ: «الْحَسَبُ الْمَالُ، وَالْكَرَمُ التَّقْوَى» قَالَ فِي الْفَتْحِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حَسَبُ مَنْ لَا حَسَبَ لَهُ، فَيَقُومُ النَّسَبُ الشَّرِيفُ لِصَاحِبِهِ مَقَامَ الْمَالِ لِمَنْ لَا نَسَبَ لَهُ، أَوْ أَنَّ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الدُّنْيَا رِفْعَةَ مَنْ كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ وَضِيعًا، وَضِعَةَ مَنْ كَانَ مُقِلًّا وَلَوْ كَانَ رَفِيعَ النَّسَبِ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ مُشَاهَدٌ، فَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْحَدِيثِ اعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ بِالْمَالِ لَا عَلَى الثَّانِي، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي بَابِ صِفَةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي تُسْتَحَبُّ خِطْبَتُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>