بَابُ اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ لِلنِّكَاحِ وَمَا يُدْعَى بِهِ لِلْمُتَزَوِّجِ
٢٦٨٠ - (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّشَهُّدَ فِي الْحَاجَةِ، وَذَكَرَ تَشَهُّدَ الصَّلَاةِ، قَالَ: وَالتَّشَهُّدُ فِي الْحَاجَةِ: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ: وَيَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ» ، فَفَسَّرَهَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢] {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١] ، {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: ٧٠] الْآيَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
٢٦٨١ - (وَعَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: «خَطَبْتُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَامَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَأَنْكَحَنِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَشَهَّدَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) .
ــ
[نيل الأوطار]
قَوْلُهُ: (تَبَنَّى سَالِمًا) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ: أَيْ اتَّخَذَهُ ابْنًا، وَسَالِمٌ هُوَ ابْنُ مَعْقِلٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَلَمْ يَكُنْ مَوْلَاهُ وَإِنَّمَا كَانَ يُلَازِمُهُ، بَلْ هُوَ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَاءَةَ تُغْتَفَرُ بِرِضَا الْأَعْلَى لَا مَعَ عَدَمِ الرِّضَا، فَقَدْ خَيَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرِيرَةَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا كُفُؤًا لَهَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا الِاخْتِلَافَ فِي كَوْنِهِ عَبْدًا أَوْ حُرًّا، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ لِلْأَمَةِ إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَصْلُ الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ حَدِيثُ بَرِيرَةَ، يَعْنِي هَذَا، وَمِنْ جُمْلَةِ الْأُمُورِ الْمُوجِبَةِ لِرِفْعَةِ الْمُتَّصِفِ بِهَا، الصَّنَائِعُ الْعَالِيَةُ وَأَعْلَاهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ: الْعِلْمُ؛ لِحَدِيثِ: «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَهُوَ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِغَيْرِ إسْنَادٍ
، وَالْقُرْآنُ شَاهِدُ صِدْقٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] وقَوْله تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١] وقَوْله تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: ١٨] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْمُتَكَاثِرَةِ، مِنْهَا حَدِيثُ: «خِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute